ولا تأويل ، ولم يخالف فى ذلك غير الحشوية ، ومن جوز الكفر عليهم فإنه إذا جوز عليهم الكفر فما دون الكفر أولى بالتجويز.
ثم اختلف القائلون فى وجوب العصمة عن الكبائر. هل ذلك مستفاد من العقل ، أو السمع.
فذهب القاضى أبو بكر ، والمحققون من أصحابنا : إلى أن العصمة فيما وراء التبليغ غير واجبة عقلا ؛ لعدم دلالة المعجزة عليه (١) وإنما هو مستفاد من السمع ، وإجماع الأمة قبل ظهور المخالفين على ذلك.
وذهبت المعتزلة : إلى امتناع ذلك منهم عقلا / مصيرا منهم إلى أن صدور الكبائر من الأنبياء. مما يوجب سقوط هيبتهم ، وانحطاط رتبتهم فى أعين الناس. وذلك مما يوجب النفرة عنهم ، وعدم الانقياد لهم. ويلزم منه إفساد الخلائق ، وترك استصلاحهم ؛ وهو خلاف مقتضى الحكمة ، والعقل. وما ذكروه فمبنى على فاسد أصولهم فى التحسين ، والتقبيح ، ووجوب رعاية الصلاح ، والأصلح ؛ وقد أبطلناه (٢).
ثم لو قيل بوجوب عصمة الأنبياء عن الكبائر عقلا حتى لا يفضى ذلك إلى انحطاط رتبهم فى النفوس ، والنفرة عن الانقياد لهم ، أوجب أن يكون النبي أبدا مؤيدا منصورا. وأن يكون مناوئه مخذولا محقورا. وإلا فلو كان الأمر بالعكس للزم من ذلك احتقارهم فى الأعين ، والنفرة عنهم كما ذكروه ؛ وليس ذلك واجبا إجماعا.
فإن قيل : بأنه يكتفى بظهور المعجزة على يده عن جميع ما ذكرتموه.
قلنا : فلنكتفى به عما ذكروه أيضا.
وأما إن كان فعل الكبيرة على سبيل النسيان ، أو التأويل خطأ ؛ فقد اتفق على جوازه ، خلافا للروافض.
وأما ما ليس بكبيرة : فإما أن يكون من قبيل ما يلحق فاعله بالأراذل ، والسفل ، والحكم عليه بالخسة / / ودناءة الهمة ، وسقوط المروءة كسرقة حبة ، أو كسرة ، ونحوه فالحكم فيه حكم الكبيرة.
__________________
(١) فى ب (على ذلك).
(٢) انظر ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ النوع السادس ـ الأصل الأول ل ١٧٤ / ب وما بعدها.
/ / أول ل ٩٣ / أ.