وبيان أنه عصى وأذنب من خمسة أوجه :
الأول : قوله ـ تعالى ـ (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) صرح بمعصيته وأكد ذلك بقوله (فَغَوى).
الثانى : أنه نهى عن الشجرة بقوله (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) (١) وبقوله ـ تعالى ـ (أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ) (٢) فخالفا النهى وأكلا منها بدليل قوله ـ تعالى ـ (فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) (٣) ومخالفة النهى معصية.
الثالث : أنه سمى نفسه ظالما حيث قالا / (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) (٤) وسماه الرب ـ تعالى ـ ظالما حيث قال تعالى (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (٥) وقد قرباها ، وأكلا منها ؛ فكانا من الظالمين. والأصل فى الإطلاق الحقيقة ، والظلم معصية لا محالة.
الرابع : قوله ـ تعالى ـ حكاية عن آدم (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٦) وذلك من غير ذنب محال.
الخامس : أنه تاب لقوله ـ تعالى ـ (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) (٧). وقوله ـ تعالى ـ (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) (٨) والتوبة تستدعى الذنب ؛ إذ هى حقيقة فى الندم على الذنب.
فإن قيل : المعصية عبارة عن مخالفة الأمر ، أو النهى. ولا يخفى أن الأمر ينقسم إلى أمر إيجاب يستحق فى مخالفته اللّوم والتوبيخ. وإلى أمر ندب لا يستحق مخالفه اللّوم ، والتوبيخ. وكذلك النهى ينقسم إلى نهى تحريم يستحق مخالفه اللّوم والتوبيخ. وإلى نهى كراهة وتنزيه لا يستحق مخالفه اللوم والتوبيخ.
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ / ١٩.
(٢) سورة الاعراف ٧ / ٢٢.
(٣) سورة طه ٢٠ / ١٢١.
(٤) سورة الأعراف ٧ / ٢٣.
(٥) سورة الأعراف ٧ / ١٩.
(٦) سورة الأعراف ٧ / ٢٣.
(٧) سورة البقرة ٢ / ٣٧.
(٨) سورة طه ٢٠ / ١٢٢.