قال أهل التفسير : أراد بذلك أنهم عزموا عليه وأرادوه.
ومنه قول الشاعر :
هممت ولم أفعل وكدت وليتنى |
|
تركت على عثمان تبكى حلائله (١) |
والمراد به : عزمت.
وقال حاتم الطائى (٢) :
ولله صعلوك تساور همه |
|
ويمضى على الأيام والدهر مقبلا |
وأراد به تساور عزمه.
ولأن المتبادر إلى الفهم من قول القائل «هم فلان بكذا» أنه عزم عليه.
وعلى هذا : فيكون معنى قوله ـ تعالى ـ (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَ) (٣) العزم على الفاحشة ، والعزم على الفاحشة حرام ومعصية ، وذلك إما أن يكون قد وقع فيه قبل النبوة ، أو فى حالة النبوة. وعلى كل حال ؛ فهو خلاف مذهب الخصوم.
فإن قيل : وإن سلمنا أن الهم قد يطلق بمعنى العزم ، غير أنه قد يطلق أيضا على حضور الشيء بالبال ، من غير عزم عليه ، ويدل عليه قوله ـ تعالى ـ (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا) (٤) ولم يرد به العزم على الفشل ؛ لأنه معصية وقد قال ـ تعالى ـ (وَاللهُ وَلِيُّهُما) والله ـ تعالى ـ لا يكون ولىّ العاصى. ومن عزم على الفرار / من نصرة نبيه ـ عليهالسلام ـ ويدل على ذلك أيضا قول كعب بن زهير :
__________________
(١) القائل هو عمير بن ضابئ البرجمى التميمى ، شاعر من سكان الكوفة ، كان أبوه قد مات فى سجن عثمان بن عفان ـ رضى الله عنه ؛ لقتله صبيا بدابته ، ولهجائه قوما من الأنصار ـ وكان عميرا هذا ممن دخل على عثمان ـ رضى الله عنه ـ يوم مقتله ، ووطئه برجله. وعلم الحجاج الثقفى بعد ذلك بما حدث منه ـ وهو فى الكوفة ـ فأمر به فضربت رقبته سنة ٧٥ ه وانهب ماله [تاريخ الطبرى ٦ / ٢٠٧ والكامل لابن الأثير ٣ / ١٤٦ والأعلام للزركلى ٥ / ٨٩].
(٢) انظر عنه ما سبق فى هامش ل ١٦٤ / أ.
(٣) سورة يوسف ١٢ / ٢٤.
(٤) سورة آل عمران ٣ / ١٢٢.