كيف وأن ما ذكرناه يدل على الهمّ بها بخصوصه ، وما ذكروه يدل على / / نفيه بعمومه.
ولا يخفى أن دلالة الخاص ، مقدمة على دلالة العام من حيث أنه يلزم من العمل بعموم العام ، إبطال دلالة الخاص ، ولا يلزم من العمل بالخاص ، إبطال دلالة العام بالكلية. والجمع بين الأدلة أولى من تعطيل الواحد منها ، والعمل بعموم الآخر.
وقوله : (لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) (١) ليس هو كلام يوسف ؛ بل هو كلام امرأة العزيز.
ولهذا وقع مسبوقا على كلامها. حيث قال (قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ٥١ ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ / بِالْغَيْبِ) (٢) والضمير فى أخنه عائد إلى يوسف دون زوجها ؛ لأن زوجها قد خانته فى الحقيقة بالغيب. وقول امرأة العزيز (وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) يعنى فى ادعائه عدم مراودته لها ، وليس فى ذلك ما يدل على عدم همّه بها.
وقوله (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَ) يعنى بذلك المراودة ، ولا شك أنها لم توجد من يوسف عليهالسلام.
وقوله (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) يعنى الزنا. فإنه هو الّذي دعى إليه.
وقوله (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ) يعنى الوقوع فى الزنا.
وقوله (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَ) : يعنى الوقوع فى الزنا. وليس فى ذلك ما يدل على عدم همه بها.
وقول نساء المدينة (حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) (٣) ليس فيه ما يدل على عدم الهم بها ، والعزم عليها فى نفس الأمر.
__________________
/ / أول ل ٩٨ / أ.
(١) سورة يوسف ١٢ / ٥٢.
(٢) سورة يوسف ١٢ / ٥١ ، ٥٢.
(٣) سورة يوسف ١٢ / ٥١.