(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) (١).
ووجه الاحتجاج به : أنّ فعله : إمّا أن يكون معصية ، أو لا يكون معصية. فإن لم يكن معصية ؛ فلا معنى لندمه وقوله : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) (٢) ، وقوله : (إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) (٣).
وإن كان معصية : فهو المطلوب. وسواء كان ذلك حالة النبوة ، أو قبل النبوة ؛ إذ هو خلاف مذهب الخصوم.
فإن قيل : الكلام على هذا من وجهين : إجمالا ، وتفصيلا.
أما الإجمال : فهو أنه لا يخلو : إما أن يكون قتله عمدا ، أو خطأ. فإن كان عمدا :
فإما أن يكون بحقّ ، أو بغير حقّ.
فإن كان الأول : فليس بمعصية لا صغيرة ، ولا كبيرة.
وإن كان الثانى : فهو ممتنع ؛ لأن القتل العمد من غير حق كبيرة ، وذلك غير واقع من الأنبياء.
وإن كان خطأ : فليس بمعصية أصلا وسواء كان بحق ، أو بغير حق.
وأما التفصيل : فهو أنه لم يقصد قتله ، وإنما قصد التخلّص ودفع الظلم ، وذلك جائز عن الغير. كما هو جائز عن النفس واتفاق الوكزة والقتل كان خطأ ، والخطأ ليس بمعصية.
__________________
(١) سورة القصص ٢٨ / ١٥ ولمزيد من البحث والدراسة راجع ما يلى :
تفسير الكشاف للزمخشرى ٣ / ١٦٨ ، ١٦٩ ، وتفسير فخر الدين الرازى ٢٤ / ٢٣١ ـ ٢٣٥ ، وتفسير القرطبى ٧ / ٤٩٧٥ ـ ٤٩٨١ ، ومختصر تفسير ابن كثير ٣ / ٨ ، وقصص الأنبياء لابن كثير ص ٣٠٣ ، ٣٠٤.
قارن بما ورد فى شرح المواقف ـ الموقف السادس ص ١٤٤. وشرح المقاصد ٣ / ٣١٣.
(٢) سورة القصص : ٢٨ / ١٥.
(٣) سورة القصص : ٢٨ / ١٦.