فلا نسلم صيغة العموم فى أشخاص الملائكة ، وإن سلمنا ولكن لا نسلم العموم بالنسبة إلى كان زمان.
وإن سلمنا صيغة العموم بالنسبة إلى زمان ، غير أنه مخصوص بقوله ـ تعالى ـ : حكاية عنهم (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) (١). فإن ما مثل هذا القول ، ليس تسبيحا ، وفى حالة ذكره لا يكونون مسبحين ، والتخصيص من أسباب الضعف ، والهواء. وما ذكرناه من الدلائل غير مخصصة ؛ فكانت أولى.
وإن سلمنا امتناع خلوهم من التسبيح ، ولكن ليس فى ذلك ما يدل على امتناع صدور كل معصية منهم ؛ بل إنما يدل على امتناع صدور كل معصية تكون مضادة للتسبيح ، ولا يلزم من امتناع بعض المعاصى ؛ امتناع / / كل معصية.
وما ذكروه فى الوجه الثانى من المعارضة.
لا نسلم أيضا العموم فى أشخاصهم ، ولا فى حالتهم.
وإن سلمنا ذلك ، ولكن لا نسلم أنه يلزم من امتناع المعصية بجهة مخالفة الأمر ، امتناع المعصية بجهة مخالفة النهى.
قولهم : إن النهى عن الشيء أمر بأحد أضداده.
ممنوع ، ولا مانع عندنا من النهى عن الشيء مع عدم الأمر بجميع الأضداد ؛ بل ولا مانع أن يكون الأمر بالشيء / وضده على ما حققناه فى مسألة تكليف ما لا يطاق (٢).
وبالجملة : فهذه المسألة ظنية ، سمعية ، والترجيح فيها لكل أحد على حسب ما يتفضل الله ـ تعالى ـ عليه من المنة ، وجودة القريحة كما فى غيرها من المسائل الاجتهادية.
__________________
(١) سورة البقرة ٢ / ٣٠.
/ / أول ل ١٠٥ / أ.
(٢) انظر ما مر فى الجزء الأول ل ١٩٤ / ب. وما بعدها ص ١٧٥ وما بعدها من الجزء الثانى.