إلى الأنبياء ؛ إذ ليس لهم غير التبليغ والإعلام ، والعادة ، والعرف جاريان بأنه لا يولى على قوم ، ليحكم عليهم ، ويتصرف فى أحوالهم ، ويكون أولى بهم من أنفسهم على ما قال ـ تعالى ـ : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (١) إلا من هو أفضل ، وذلك بخلاف الرسول المبلغ لا غير ، فإن العادة لا توجب فضيلته على من أرسل إليه ، وإلا كان آحاد العبيد عند إرساله إلى ملك من بعض الملوك ؛ لإعلامه بأمر من الأمور ، أن يكون أفضل من الملك المرسل إليه ؛ وهو ممتنع.
وقوله ـ تعالى ـ فى حق يوسف ـ عليهالسلام ـ (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (٢).
ليس فيه أيضا ما يدل على كون الملك أفضل ؛ لأن التشبيه بالملك إنما وقع من جهة حسنه ، وجماله ، لا من جهة فضيلته ، وذلك يدل على أن الملك أجمل ، وأحسن لا أنه أفضل.
فإن قيل : إنما وقع من جهة الفضيلة ، والسيرة الجميلة ، وغض الطرف ، وكف دواعى الشهوة ، وغير ذلك من الصفات الموجبة للتفضيل لا من جهة الحسن ، والجمال ، ولذلك قالوا : (إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (٢) والكريم إنما يكون كريما بحسن السيرة ، لا بجمال الصورة.
قلنا : من لوازم الملك الكريم : حسن الصورة ، والسيرة والتشبيه بالملك الكريم فى كل واحد من الأمرين ممكن ، غير أن قضية التشبيه به فى حسن الصورة أظهر ، وبيانه / / من ثلاثة وجوه :
الأول : أن سبب قول النسوة لذلك خروج عليهن وتقطيعهن أيديهن بالسكاكين لدهشتهن بحسنه ، وجماله على ما قال ـ تعالى ـ : (وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ).
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ / ٦.
(٢) سورة يوسف ١٢ / ٣١.
/ / أول ل ١٠٨ / أ.