الثانية : أنا قد نتعقل صورا مجردة عن الأوضاع والمقادير : كصورة الإنسان الكلى ونحوه.
وعند ذلك فلا يخلوا : إما أن يكون تجردها عن ذلك لذاتها ، أو لما أخذت عنه ، أو لنفس الآخذ ، وهو المحل القابل لها.
لا جائز أن يقال بالأول : وإلا لما عقلت إلا وهى مجردة عنه ، وليس كذلك كما فى الأشخاص.
ولا الثانى : إذ ليس كل صورة معقولة مجردة عن الوضع مأخوذة عن شيء ، وذلك كالذى يتصوره الإنسان من الصور التى لا وجود لها فى الخارج ؛ ولأن ما أخذت عنه قد لا يكون مجردا عن الوضع : كأشخاص الإنسان ، وإن كان الثالث : فما به التعقل ليس جسما ، ولا جسمانيا ، وإلا لما خلا عن ذلك.
الثالثة : أنه لو كانت النفس مدركة بآلة جرمانيّة : لما أدركت نفسها كما فى الحواس الخمس ؛ إذ ليس بينها ، وبين نفسها ، ولا بين آلتها آلة. وإلا فإدراكه لآلتها : إما بآلة ، أو لا بآلة.
فإن كان الأول : فإما أن يكون إدراكها بآلتها بعين تلك الآلة ، أو بغيرها.
فإن كان بعين تلك الآلة : فإما أن يكون ذلك لوجود / / صورة آلتها تلك فى آلتها ، أو لوجود صورة أخرى غير صورة آلتها.
فإن كان الأول : فيلزم أن تكون عاقلة لآلتها دائما ؛ إذا كانت تعقل بوجود صورة المعقول فى الآلة ، وصورة آلتها فى آلتها دائمة الوجود ؛ وهو محال خلاف المعقول.
وإن كان الثانى : فباطل أيضا ، فإن الصورة إذا دخلت الجوهر العاقل إنما تجعله عاقلا ؛ لما تلك الصورة صورته ، لا لصورة غيره ، إلا أن يكون مضايفا له ، وليس الأمر فيما نحن فيه كذلك.
وإن كان أدركها لآلتها بغير تلك الآلة : / فالكلام فى تلك الآلة كالكلام فى الأولى ؛ ويلزم من ذلك التسلسل ، أو الدور الممتنع.
__________________
/ / أول ل ١١٣ / ب.