وعند ذلك : فإما أن يكون المفهوم [من] (١) قوله : (لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) إقامة كل أنواع العقوبات ، أو بعضها ، لا سبيل إلى الأول ، لاستحالة الجمع بين العقوبات المتضادة ، ولأن ذلك غير مشروط فى حق الكافر إجماعا ، فلم يبق إلا الثانى ، ويلزم من ذلك أن يكون الغفران فيما دون الشرك بإسقاط كل عقوبة ، وإلا لما تحقق الفرق بين الشرك ، وما دونه.
وأما ما ذكروه على باقى النصوص من منع العموم ، فمندفع فإنها : إما أن تكون عامة فى نفس الأمر ، أو لا تكون عامة.
فإن كان الأول : فهو المطلوب ، [وإن كان الثانى : فيحتمل أن يكون مدلولها هو نفس محل النزاع ، ويحتمل / / أن يكون غيره] (٢) ، وغير محل النزاع لا يخرج عن حالة التوبة ، والصغائر ، والعفو ، والغفران فى ذلك واجب عندهم ، ومحل النزاع الكبائر من [غير] (٣) توبة وهو متفضل بالغفران فيه ، واحتمال دلالتها على محل النزاع أولى من غيره ؛ لأنها إنما وردت فى معرض الامتنان ، والإنعام بالعفو والغفران ؛ وذلك أولى بحالة التفضل من حالة الوجوب على ما لا يخفى ، وبه يبطل التأويل أيضا.
وأما ما ذكروه من المعارضات لدليل الشفاعة فمندفعة ، أما قوله تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (٤) فلا نسلم أن صيغة الجمع للعموم فإنها قد ترد تارة للاستغراق ، وتارة للخصوص ، وليس جعلها حقيقة فى أحد الأمرين أولى من الآخر ؛ بل جعلها ظاهرة فى البعض أولى ؛ لتيقنه ، والشك فيما زاد ؛ ولأنه يحسن الاستفسار عنها ، هل المراد بها الكل ، أو البعض؟ ولو كانت للعموم ، لما حسن الاستفسار.
__________________
(١) ساقط من (أ).
/ / أول ل ٣٠ / ب.
(٢) ساقط من (أ).
(٣) ساقط من (أ).
(٤) سورة غافر ٤٠ / ١٨.