فامتناع إطلاق الشفيع على طالب دفع الضرر عنه ـ عليهالسلام ـ يدل على أن الشفيع ليس حقيقة فى طالب دفع الضرر ، وليس أحد الأمرين أولى من الآخر.
كيف وأنه أمكن أن يقال : بأن حق الشفيع فى العرف أن لا يكون دون المشفوع له فلذلك لم يكن الواحد من أمة النبي شافعا للنبى ، وسواء كان طالبا بجلب نفع ، أو دفع ضرر.
فالحق فى الجواب : أنه وإن كان اسم الشفيع حقيقة فى طالب جلب النفع ، وطالب دفع الضرر غير أن ما ذكرناه من النصوص الدالة على كونه شفيعا صريحة فى كونه شفيعا بمعنى كونه طالبا لإسقاط العقوبة ، ودفع الإضرار ؛ فكانت أولى.
وأما ما ذكروه من المعارضات بآيات الوعيد السابق ذكرها (١) ؛ فلا نسلم عمومها وبتقدير التسليم ، فما ذكرناه من آيات الوعد راجحة على آيات الوعيد ، وبيان الترجيح من ثمانية أوجه (٢).
الأول : أنّا قد بينا الدليل على أن آيات الوعد ، يجب أن تكون خاصة بمحل النزاع. وما ذكروه من آيات الوعيد ، فمتناولة لمحل النزاع بعمومها ، والخاص مقدم على العام على ما لا يخفى.
الثانى : أن آيات الوعد أكثر ؛ فكانت أغلب على الظن.
الثالث : هو أن آيات الوعد ، أكثرها مرتب على الحسنات ، والحسنات أرجح من السيئات ، والمرتب على الراجح راجح ، وبيان أن الحسنات أرجح من السيئات قوله تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (٣) ، فدل [على] (٤) أنها أرجح وأقوى ، وأيضا قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (٥). وربما زاد على ذلك بدليل قوله تعالى : (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) (٦) ولا كذلك السيئات.
__________________
(١) راجع ما سبق ل ٢٢٦ / ب وما بعدها.
(٢) قارن بما ورد فى شرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢١٦ ، ٢١٧ وشرح المقاصد ٢ / ١٧٣ ، ١٧٤.
(٣) سورة هود ١١ / ١١٤.
(٤) ساقط من أ.
(٥) سورة الأنعام ٦ / ١٦٠.
(٦) سورة البقرة ٢ / ٢٦١.