الأول ممنوع ، والثانى : مسلم.
وعلى هذا : فما المانع أن يقال : إن حالة التساوى كحال من لم يصدر منه طاعة ، ولا معصية ؛ لضرورة التعارض ؛ والتساقط وصار حاله كحال من مات دون البلوغ من حيث إنه لا يستحق ثوابا ، ولا عقابا؟
وأما ما ذكره أبو هاشم فى إبطال الامتناع العقلى ؛ فهو حق ، غير أن ما ذكره من الامتناع السمعى باطل ؛ فإنا لا نسلم ورود السمع بأنه لا بد لكل مكلف من أن يكون من أهل الجنة ، أو النار ؛ بل من استوت طاعاته ، وزلاته ، فهو من أهل الأعراف بين الجنة ، والنار كما وردت به الأخبار الصحيحة.
وإن سلمنا ذلك ، ولكن إنما يمتنع أن يكون من أهل الجنة ، أو النار ؛ أن لو اشترط رجحان الحسنات على السيئات ، أو بالعكس ، وهو غير مسلم ؛ بل يجوز عندنا أن يثيب الله ـ تعالى ـ من غير طاعة ، ويعاقب من غير معصية كما سبق تحقيقه (١).
وأما الاختلاف فى أن التحابط بين الطاعة والمعصية ، أو بين الثواب والعقاب ، وإن كان مبنيا على القول بوجوب التحابط ، وهو باطل على ما حققناه (٢) غير أن القول بالتحابط [بين الثواب والعقاب (٣)] على مذهب القائلين به ، أولى من التحابط بين الطاعات ، والمعاصى ؛ إذ الأمة مجمعة على أن من ارتكب كبيرة ، وصام ، وصلى ، وتزكى ، أن عبادته صحيحه واقعة موقع الامتثال ؛ كما سبق (٤).
__________________
(١) راجع ما سبق ل ٢٢٣ / ب وما بعدها.
(٢) راجع ما تقدم ل ٢٢٣ / ب وما بعدها.
(٣) ساقط من (أ).
(٤) راجع ما سبق ل ٢٢٦ / أوما بعدها. ولمزيد من الدراسة ارجع إلى المراجع التالية : الفصل لابن حزم ٤ / ٤٧ ، والإرشاد للجوينى ص ٣٢٤ ، وشرح المواقف ص ٢١٠ وما بعدها من الموقف السادس ، وشرح المقاصد ٢ / ١٧٠ وما بعدها. ومن كتب المعتزلة : شرح الأصول الخمسة ص ٦٢٥ وما بعدها.