[الشبهة] السابعة والعشرون : سلمنا القطع مع قطع النظر عن هذه الأمور العادية غير أن المرسل فى الصورة المستشهد بها مرئى محسوس فيمكن أن يرى منه قرائن لا تحويها العبادات. وأمكن أن تكون مؤثرة فى العالم ، بخلاف الرب ـ تعالى ـ فإنه غير مرئى فى وقتنا هذا ، ولو كان مرئيا ؛ فهو ـ يتعالى ـ عن الاتصاف بمثل القرائن الحالية المشاهدة من الواحد منا.
[الشبهة] الثامنة والعشرون : سلمنا امتناع تأثير ما نشاهد منه من القرائن فى العلم ، غير أنه يمتنع إلحاق الغائب بالشاهد بطريق القياس إذ هو غير مفيد لليقين كما سبق فى قاعدة الدليل (١).
[الشبهة] التاسعة والعشرون : سلمنا صحة قياس [الغائب على الشاهد (٢)] فى الجملة ؛ ولكن يمتنع مع ذلك الاستدلال بما ظهر على يده على صدقه ، لأن دلالته على صدقه : إما دلالة عقلية ، أو سمعية.
لا سبيل إلى الأول : لأن ما دل عقلا ؛ فيدل لنفسه ، ويرتبط بمدلوله لذاته ولا يجوز تقديره غير دالّ ؛ وذلك كدلالة الفعل على الفاعل ، ودلالة الفعل المحكم على علم فاعله. إلى غير ذلك من الأدلة العقلية ، ودلالة المعجزة على صدق المدعى للرسالة ليست كذلك ، وإلا لما تصور وجودها الا وهى دالة على صدق الرسول ؛ وليس كذلك ؛ فإنه يجوز خرق العوائد عند تصرم الدنيا : كانفطار السماء وانتثار الكواكب ، وتدكدك الجبال ، وتبدل الأرض غير الأرض إلى غير ذلك مع عدم دلالتها على تصديق مدعى النبوة ، فإنه لا إرسال ، ولا رسول فى ذلك الوقت ، وكذلك ظهور الكرامات على أيدى الأولياء على أصلكم من غير دلالة.
ولا سبيل إلى الثانى : لأن الأدلة السمعية متوقفة على صدق الرسول فلو توقف صدقه عليها ؛ لكان / / دورا.
[الشبهة] الثلاثون : سلمنا عدم الحصر فى القسمين من الأدلة ، غير أن الاستدلال بما أتى به من المعجز : إما أن يكون مشروطا بالتحدى ، أو لا يكون مشروطا به.
__________________
(١) انظر ما سبق فى الجزء الأول ل ٣٩ / ب وما بعدها ص ٢٠٣ وما بعدها من الجزء الأول : القاعدة الثالثة الفصل السابع : الدليل الخامس : الحاق الغائب بالشاهد ، بجامع الحد والعلة ، والشرط ، والدلالة.
(٢) فى (أ) (الشاهد على الغائب)
/ / أول ل ٧٥ / أ.