وإن قلتم بظهور الكرامات على أيدى الأولياء : فقد بطلت دلالتها على التصديق لوجهين :
الأول : إذا أمكن وجود المعجزة بدون الدلالة على التصديق فى حق الأولياء فما المانع من وجودها فى حق النبي من غير دلالة على تصديقه.
الثانى : أنه إذا جوز ظهورها على أيدى الأولياء. فإما أن يقال بجواز خلقها على أيديهم على التوالى ، أو لا يقال به.
فإن لم يقل به : ففيه نسبة الرب ـ تعالى ـ إلى العجز وهو ممتنع.
وإن قيل به : فقد خرجت عن كونها خارقة ، وصارت معتادة.
[الشبهة] الرابعة والعشرون : سلمنا امتناع ظهور الكرامات على أيدى الأولياء ؛ ولكن إنما يكون ما أتى به دليلا على صدقه أن لو لكان ذلك معجزة بالنسبة إلى المبعوث إليهم وإنما يكون ذلك معجزة بالنسبة إليهم أن لو كان معجوزا عنه بالنسبة إليهم ؛ إذ المعجزة مأخوذة من العجز ، وليست معجزة بالنسبة إليهم ؛ لأن ما يكون مقدورا للشخص لا يكون معجوزا عنه ، ولهذا لا يقال إننا عاجزون عن خلق الأجسام ، والألوان لما لم تكن مقدورة بالنسبة إلينا.
[الشبهة] الخامسة والعشرون : سلمنا صحة كون الخارق معجزة بالنسبة إليهم ، ولا نسلم دلالته على تصديقه ، وما ذكرتموه من صورة الملك فى الشاهد ؛ فلا نسلم دلالة ما وجد منه على التصديق قطعا ؛ لاحتمال أن تكون حركة الملك على وفق ما ذكره المدعى لرسالته بحكم الاتفاق بناء على غفلة وذهول ، أو بسبب أوجب له ذلك غير التصديق أو لأنه كاذب فى قصد تصديقه.
[الشبهة] السادسة والعشرون : سلمنا دلالته على التصديق قطعا ؛ ولكن ما المانع أن يكون العلم حاصلا فى تلك الصورة لما علم من عادة الملوك فى حفظ الممالك / وصلاح الرعية ، وتجنب المسالك المفضية إلى تشويش الملك ، واختلاف الرعية ، وأنتم قد جوزتم على الله ـ تعالى ـ اضلال العبيد ، وخلق الكفر ، والفسوق لهم ؛ فلا يكون فى معنى ما استشهدتم به.