دار الكفر إلا على صفة دار الكفر الأصلي مستقيم على تعليلنا وهو : إن دار الكفر الأصلي تظهر فيها كلمة الكفر ولأهلها شوكة تمنعهم ممن أراد إجراء أحكام الكافرين عليهم ، فذلك تكون دارهم دار حرب ، وهذا قولنا بغير زيادة ولا نقصان ، وكل دار لا تكون صفتها صفة دار الكفر الأصلي ، فإنها لا تكون دار حرب ؛ لأن صفة دار الكفر الأصلي هي التي تظهر فيها كلمة الكفر بحيث لا يخشى قائلها من المسلمين تبعة ولا يفتقر إلى تستر بنفاق ، وتكون له شوكة يمنع نفسه بها ، ومن كان على غير هذه الصفة فلا يكون حكم داره حكم دار الحرب فهذا نفاق (١).
فأما قوله : فكيف يكون دار من أقر بالجملة دار حرب ، وداره مباينة لدار الكفر الأصلي مع إظهار الشهادتين ، والاعتراف بأن دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الحق وما سواه الباطل.
الكلام في ذلك : إن المقر بجملة الإسلام ، والمعترف بأن دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الحق وما سواه الباطل هذا مسلم على الحقيقة ، فكيف تكون داره دار حرب ، وهذا مستقيم لأن دار الكفر الأصلي هي التي يظهر فيها الكفر بغير ذمة ولا جوار ، وهذا حكم دور المجبرة ، والمطرفية ، والمشبهة ، والباطنية ، والمرجئة ، والنابتة (٢) ، ومن جانسها من أهل مقالات الكفر الذين ادعوا بقاءهم على الإسلام ؛ فإنهم لا يحاشون في إظهار كفرهم أحدا ، بل لا يظهر عندهم دين الإسلام على الحقيقة إلا بذمة وجوار ، وكفرهم ظاهر بحيث لا محاشاة. فهل بقي بينها وبين دار الكفر الأصلي فرق؟! تأمل ذلك موفقا. ولا يقدر المسلمون ينطقون عندهم بحدوث القرآن ،
__________________
(١) في (ب) : فهذا اتفاق.
(٢) تقدم ذكر الفرق في (العقد الثمين) للمؤلف.