وأما صنعاء فإنما دخلها بالحجاز والكل جند الصليحي ، وطلعهم مع أصحابهم وكان سلامة أهل درب صنعاء باجتهادهم وعنايتهم كما فعل ابن أبي سلول في بني قينقاع واستيهابهم من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الرضى والكره ؛ فكان لا يتمكن من السبي ، ولو قدر عليه لفعله ـ إن شاء الله تعالى ـ إلا أن يتركه لغرض فهو غير متهم في النظر سلام الله عليه وآله وله أن يفعل وأن لا يفعل لا حرج في واحد من الأمرين ؛ لأن السبي ليس مما يجب بل الخيار إلى الإمام ، وقد أحدث في تلك الحال سبيت [منهن بعد الخليفة] (١) إلى بلاد زبيد وسواها فلم ينكر ذلك ، ولا ظهر ما يدل على كراهته ، وإن كان لم يفش ولا يشع.
ولما ظهر ابن مهدي في تهامة وأنكر المنكرات الظاهرة على الحبشة ، وقتل النساء والأطفال وأمر بالصلاة والصيام والتسبيح ، وسميت أصحابه المهللة ـ لكثرة الذكر ـ وقام في وجهه الأمير قاسم بن غانم ، وكان متدينا احتاج في حربه إلى الولاية والفتوى فولّاه الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان عليهالسلام واتفق هو والقاضي شمس الدين (٢) على فتواه بجواز قتل مقاتلة عرب تهامة وسبى ذراريهم ، فأغار إلى وادي عين وسبي وقتل ، وكذلك إلى المهجم (٣) وقتل وسبى وراحت السبايا إلى الشام ووطئهن المسلمون من الشرف والموال بحكم السبي ، ومنهم اليوم كثير أحياء ممن شاهد الفعل وعلم الفتوى ، ولصحة الرسالة التي
__________________
(١) سقط من (ب) : وهو في (أ) حاشية.
(٢) القاضي شمس الدين : هو القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام ، وقد تقدمت ترجمته.
(٣) المهجم بلدة خاربة في وادي سردد ، من أعمال الزيدية ، وهي تقع شرقي الزيدية فيما بينها وبين جبل ملحان ، لم يبق من آثارها غير المنارة في بقعة المهجم ، وفيه كان قتل الداعي علي بن محمد الصليحي وأخيه عبد الله على يد بني نجاح سنة ٤٧٣ ه.
انظر (معجم بلدان اليمن وقبائلها) ١ / ٣٩٨.