وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) [الفتح : ٢٤ ، ٢٥] فلم يمنع كون المؤمنين والمؤمنات (مع) (١) كون دارهم دار حرب ، فهذا على أبلغ التسليم وآكد الاحتجاج لمن نظر فيه ، ولا نعلم في جهات الجبر والتشبيه ما هذه صفته يكون من المؤمنين فيه إلا ندرا ، فأي حجة أبلغ مما هذا سبيله؟ وأي قول ساوى هذا الدليل دليله؟ فأطلقهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسماهم الطلقاء ، واستثنى جماعة : نساء ورجالا أمر بقتلهم ولو تحت ستر الكعبة ، وأمر بقتل طائفة من بني بكر بن عبد مناة بقتلى بني كعب. وقد ورد في الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها حقنوا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى» (٢) ، فرأينا الصحابة اجتمعت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم الأمة في عصرهم ، بل خير الأمة على حرب المانع للصدقة والقضاء بردهم ، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم حتى قال أبو بكر على المنبر : لا أفرق بينما جمع الله بينه ـ يريد الصلاة والزكاة ـ والله لو منعوني عناقا أو قال : عقالا مما أعطوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لحاربتهم عليه. لأنهم قالوا نقيم الصلاة ولا نؤتي الزكاة ، بل نفرقها في أهل الفاقة منا كما قال قيس بن عاصم :
جنوت بها من منقر كل بائس |
|
وأيأست منها كل أطلس طامع (٣) |
__________________
(١) في (ب) : من.
(٢) الحديث شهير ، ويوجد في أغلب مصادر الحديث وللاطلاع على مصادره.
انظر (موسوعة أطراف الحديث النبوي) ٢ / ٣٣٧ ، ٣٣٨.
(٣) سبق إيراد البيت ضمن أبيات في (الرسالة الهادية) ، وفيها وفي الطبري وغيره :
حبوت بها في الدهر أعراض منقر |
|
وأيأست منها كل أطلس طامع |
وسبق الكلام على قيس بن عاصم المنسوبة إليه.