حلال ، فالله تعالى منّ على نبيه صلى الله عليه ما منّ به ، وأفاء عليه من ملك يمينه ، وجعل ذلك تعالى من معالم دينه ، ولقد عظمت البلوى على الشيعة الطاهرة بتواتر دول الجبابرة ، وتمادي أعصار الظلمة الفاجرة ، فأعظم من ذلك عليهم بلية ، وأدهى في الدين رزية ، أن يكون خصما للخائنين ، كأنهم لم ينظروا في علوم أئمتهم الهادين ، وإشاراتهم ، بل تصريحاتهم بأسماء المعاندين ؛ فإنك لا تكاد تجد في كتبهم أسماء أضدادهم عندهم عليهمالسلام يخرج عن المشركين والكافرين ، فما بعد الأسماء إلّا الأحكام ، ولقد احتالت حذاق فقهاء الشافعية حتى أثبتت أسماء قياسية وعلقت بها الأحكام الشرعية كابن علية (١) وغيره.
فأما إنفاذ الأحكام بالعقل ، فلغيرك الجهل ، أنا أشرح لك شرحا مختصرا في أمر الشيعة من لدن أمير المؤمنين عليهالسلام لتعلم أحوالهم أنها لم تكن متمكنة من كثير من الأقوال ، فضلا عن الأفعال ، ولقد كان (الأعمش) (٢) رحمهالله إذا أراد الكلام في أمر السلطان يقول لأصحابه : هل هنا أحد تنكرونه؟ فيقولون : لا. فيقول : من كان فأخرجوه إلى نار الله ؛ ولقد كان يسأل عن المسألة فلا يفتي فيها حتى يستثبت نسب السائل ودينه ، مخافة من سطوة الظلمة ، وكانوا بين قسمين : قتيل شهيد ، وخائف طريد.
__________________
(١) ابن علية : لعله إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي أبو إسحاق ابن علية.
قال في (الأعلام) : من رجال الحديث. جرت له مع الإمام الشافعي مناظرات ، وله مصنفات في الفقه شبيهة بالجدل ، مولده سنة ١٥١ ه ، ووفاته سنة ٢١٨ ه. المصادر : انظر (الأعلام) ١ / ٣٢.
(٢) الأعمش : هو سليمان بن مهران الأعمش ، محدث ، حافظ ، مولده سنة ٦١ ه ، ووفاته سنة ١٤٧ ه ، روى عن الإمام زيد بن علي وبايعه ، وكان من أنصار أهل البيت عليهمالسلام.
المصادر : انظر (الفلك الدوار) ص ٩١ ، و (معجم رجال الاعتبار وسلوة العارفين) تحت الطبع وبقية المصادر فيهما.