الكلام في ذلك : إن معاوية عندنا أهل البيت كافر ولم يعلم في ذلك خلافا من سلفنا الصالح سلام الله عليهم والحجة على كفره أنه رد ما علم من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرورة ، والراد لما علم من دينه ضرورة كافر بالإجماع من الأئمة والأمة ، وإنما قلنا : إنه رد ما علم ضرورة ؛ لأن المعلوم من فعله ضرورة ادعاء إخوة زياد بن أبيه ، وقد ورد عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «الولد للفراش وللعاهر الحجر» (١) فقال : الولد للعاهر ولا يضره عهره ، فكفر بذلك وبأشياء أخر ، ولكن هذا كاف في هذا الباب وأوضح لأولي الألباب ، وحكم أصحابه كحكمه بلا خلاف ؛ لأن الله تعالى يقول : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) [الإسراء : ٧١] ، وأما أن عليا عليهالسلام لم يسبهم فإنما وقع الحرب بينه وبينهم بصفين بين الشام والعراق ، وإن كانت داخلة في تخوم الشام ، ولم يلتق فيها إلا الرجال مصلتين بالسيوف والرماح ، ولو أن عليا عليهالسلام تمكن منهم ولم يسب ؛ فللإمام أن يسبي وأن يدع ، ولم نتشدد إلا لغموض الأحكام في المنتسبين إلى الإسلام ، من كفرة الأنام ، لالتباس ذلك على العوام ، فليس في تركه السبي حجة لاحتمال الحال ؛ ولأن كفر معاوية لم نقطع به إلا بعد موت علي عليهالسلام ؛ لأنه لم يدع زيادا إلا بعد موت علي وولده الحسن عليهماالسلام ، وقد انقطعت الحرب يوم ذلك بظهوره على الأمر وعدم المحارب له ، وليس كون سبب الكفر حمية أو طلب دنيا أو محبة دار تسقط حكم الكفر.
__________________
(١) أخرجه معظم أصحاب الحديث ، وسيأتي تخريج بعض مصادره في رسائل قادمة. وممن أخرجه : البخاري ٥ / ١٩٢ ، ٨ / ١٤٠ ، ٢٠٥ ، وأبو داود برقم (٢٢٧٣) ، وابن ماجة برقم (٢٠٠٦ ، ٢٠٠٧) ، والترمذي برقم (١١٥٧) ، وأحمد بن حنبل ١ / ، ٥٩ ، ٦٥ ، ٢ / ٢٣٩ ، ٣٨٦ ، ٤ / ١٧٦ ، ١٨٧ ، ٥ / ٢٦٧ ، وعشرات من المصادر انظر بعضها في (موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف) ١٠ / ٤٩٠ ـ ٤٩١.
وللمزيد من المعلومات حول معاوية ومحبيه وأتباعه انظر كتاب (النصائح الكافية لمن تولى معاوية) وهو كتاب مشهور مطبوع للسيد محمد بن عقيل الحضرمي الشافعي رحمهالله.