فقال : «بل نظر لكم. فقالوا : يا رسول الله والله لقد كنا على عبادة الأوثان فما طمعوا بتمرة من تمرها إلا أن يكون قرى أو شراء ، فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام وبك يا رسول الله. فأعطاهم الكتاب مزقوه» وهذا الخبر لم تختلف الأمة في صحته وهو دليل واضح على أن لولي الأمر أن يأخذ الأموال بغير مراضاة من أربابها لمصالح الأمة ، ووجه الاستدلال بالخبر أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هم بذلك وأراد إمضاءه إلى أن عرّفه القوم قوتهم ومنعتهم ، وكان امتناعه لأجل ذلك لا لأنه لا يجوز ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يهم ولا يريد لعصمته إلا بالجائز دون المحظور ، فإذا جاز ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو جائز للإمام من بعدئذ ، لا أحد فصل حكم الإمام في التصرف عن حكم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا فيما خصه الله من النبوة ، وكذلك قال أبو بكر على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو منعوني عناقا وفي رواية أخرى عقالا مما أعطوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لقاتلتهم عليه. فلم ينكر عليه أحد فكان إجماعا ، فثبت أن ما كان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو للإمام من بعده ، فلما اعتقد أبو بكر في نفسه الإمامة قال ما قال ولم ينكر ذلك عليه أحد ، فهذا فعل الرسول كما ترى ، وهو القدوة ؛ وقد تقرر أن للإمام أن يأخذ من الأموال ما يدفع به العدو إما مسالمة أو محاربة ، فهذا الشرع ودلالة العقل تقضي بذلك كما قدمنا أن لولي اليتيم إذا خشي التلف جاز له أن يدفع ذلك الضرر بقسط من ماله بثلث أو ربع ، ولا يعلم في ذلك خلاف بين العقلاء والمسلمين كافة ، وهذه الأموال المأخوذة من المسلمين دون ما أراد أخذه خاتم النبيين صلىاللهعليهوآلهوسلم ولصلاح المسلمين.
وأما حملهم الآيات على الزكاة فقول لا يقول به أحد من المسلمين ، آيات الصدقة على حيالها ، وآيات الإنفاق على حيالها ؛ وآيات (١) الصدقة هي المتضمنة
__________________
(١) في (ب) : فآيات الصدقة.