المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنه لما بعث معاذ بن جبل إلى أرض اليمن قال : «بما تقضي بينهم؟ قال: بكتاب الله تعالى. قال : فإن لم تجد؟ قال : فبسنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : فإن لم تجد؟ قال : أجتهد رأيي. قال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما وفق له رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم» (١).
وهذا أبلغ التصويب ، فلا بد أن يكون المجتهد عارفا بأنواع الخطاب وأحكامه ، وصوره وحقائقه ، وذلك يشتمل على الأوامر والنواهي ، والخصوص والعموم ، والمجمل والمبين ، والناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، والأخبار على أنواعها ، والأفعال وتوابعها ، والإجماع وما يجري مجراه ، فإن كان ذلك كذلك كان للمجتهد أن يجتهد ولا يألو وكان ما قال حقا في دين الله تعالى ؛ وعلى هذا تحمل أقوال الأئمة عليهمالسلام ؛ لأنهم في الغاية القصوى من العلم بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم وتوابعها ، وأقوالهم حق كلها ودين ، ويطلق عليها علوم آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليهم أجمعين ولا ينكر ذلك إلا الفرق الملعونة الطاغية ، الضالة العاتية ، كمرتدة المطرفية ، وجهال الإمامية ، ومن جانسهم من جهال الأمة. فتفهم ما ذكرنا لك في هذه الأجوبة فإنا حررناها على وجه المبادرة مع تراكم الأشغال ، فنسأل الله تعالى التوفيق والمعونة ، فما كان فيها من صواب فمن الله تعالى وبمنّه ورحمته ، وما كان فيها من خطأ فمنا ومن الشيطان ، والله ورسوله منه بريئان ، والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا ، وصلى الله على محمد وآله.
__________________
(١) الحديث مشهور وقد أخرجه أبو داود في الأقضية باب ١١ ، والترمذي برقم (١٣٢٧) ، وأحمد بن حنبل ٥ / ٢٣٠ ، ٢٣٦ ، ٢٤٢ ، والدارمي ١ / ٦٠ ، وهو في (نصب الراية) ٤ / ٦٣ ، و (إتحاف السادة المتقين) ١ / ١٧٢ ، ومصنف ابن أبي شيبة ٧ / ٢٩٣ ، ١٠ / ١٧٧ ، و (تلخيص الحبير) ٤ / ١٨٢ ، وطبقات ابن سعد ٢ / ١٠٨ ، ١٢١ ، وتفسير ابن كثير ٣ / ٢٣٩ ، ٧ / ٣٤٥ ، و (البداية والنهاية) ٥ / ١٠٣ ، وفي مصادر أخرى كما في (موسوعة أطراف الحديث النبوي) ٤ / ٥٧٩.