ولا ما يحاكيه ؛ لأنه لا محاكي له.
وقوله : هل المعلومات صور محصلة في نفس العالم ، كالدار في نفس الباني تمثيل بما لم يسلم بعد ؛ لأنه يستحيل كون الدار في نفس الباني ـ كما قدمنا ، وحصول العلم في نفس العالم كان في إيجاد المعلوم ، وليس العلم مثلا محاكيا للمعلوم كما يظنه من قال بذلك ؛ لأن العلم عرض ، والعرض لا يكون محاكيا للجوهر ولا للقديم. مع أن علم أحدنا قد يتعلق بالقديم والجواهر ، ولو كانت النفس متحيزة لاستحال أيضا حصول المعلومات فيها ؛ لأنه ينقسم كما قدمنا إلى متحيز وغير متحيز ، ومحال حصول المتحيز في المتحيز ؛ لأنه يستحيل في المتحيزات التداخل ، وقيام بعضها بالبعض ؛ لأنه لو جاز ذلك جاز أن يكون العالم في موضع جزء واحد ، وخلافه معلوم ، وما ليس بمتحيز ينقسم إلى عرض وغير عرض ؛ فغير العرض هو الباري تعالى ، ومحال وجوده في شيء من المتحيزات تعالى عن ذلك علوا كبيرا ؛ والعرض ينقسم إلى ما هو من فعل الله وإلى ما هو من فعل العبد ، فما كان من فعل الله سبحانه استحال وجوده في نفس الواحد منا ؛ لأنه يشتمل على المتضادات كالبياض والسواد وغيرهما ، ومحال كون الذات على صفتين ضدين ، ومحال حصول البياض والسواد لشيء واحد ، فيظهر حكم أحدها دون الآخر لفقد المخصص من حيث أنهما على سواء ، ولأن ذلك يرفع علمنا بالتضاد وذلك لا يجوز ، ولأنه يستحيل وجود الشيء الواحد في وقت واحد في جهتين.
وإن كان من فعل العبد وهو الافتراق والاجتماع ، ونريد إيجادهما ، ومحال وجودهما في نفسه في حالة واحدة [لأن ذلك يؤدي إلى كون النفس مجتمعة مفترقة في حالة واحدة] (١) ، وذلك محال ، أو وجود الاجتماع والافتراق ، ولا حكم لهما
__________________
(١) سقط من (أ) ، وهو في (ب).