جملة ، تقدس عن ذلك وتعالى ، وقد بينا أن ذلك لا يجوز.
وقوله : فإذا حقيقة العلم أن تفهم حقيقة المعلوم على ما هو به مسلم ؛ لكن القديم ليس بجملة فيعلم كله أو بعضه ؛ لأن ذلك من لوازم الحدوث ؛ فلا يجوز أن يقال : كل الباري سبحانه ؛ لأن الكل مجموع أبعاض ولا بعض له ؛ لأن البعض جزء الكل ؛ فإذا علم الباري لذاته على ما هو عليه أن لا يعلم ذاته جملة ولا بعضا ؛ لأنه يستحيل عليه التجزؤ ، والانقسام ، والتلفق ، والانضمام ، تعالى عن ذلك مالكنا وربنا ، بل هو كما قال [عز و] جل لنبيه عليهالسلام حيث يقول في مقابلة قول المشركين : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الصمد : ١] ، وقوله : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) [المائدة : ٧٣] ، فهو عزوجل يعلم ذاته بأنه أجل المعلومات ، وقد وجب أن يعلم جميع المعلومات بما بينا أولا ، وهو يعلم ذاته متميزا عن غيره بصفات الكمال التي لم تثبت لغيره من كونه قادرا على جميع أجناس المقدورات ، عالما بجميع المعلومات ، حيّا لا يجوز عليه الموت ، موجودا لا يجوز عليه العدم ، سميعا لا تخفى عليه خافية ، بصيرا لا تغب عنه غائبة ، قديما لا أول لوجوده ، متعاليا عن ظلم عبيده ، فيعلم ذاته على هذه الصفات ، ومتى علمها على هذه الصفات ؛ فقد علم الشيء على ما هو به ؛ والجملة والبعض لا يثبتان في حقه ، وذكر الحصر وتوابعه لا يجوز إطلاقه عليه ؛ لأنه ليس بمعدود فيكون حصره يناهي عده ، ولا محدود على هذا المعنى فيكون حصره ببلوغ حده ، بل هو الواحد على الحقيقة ؛ إذ لا واحد على الحقيقة سواه ، فكيف يجوز إدخال الحصر على غير معدود ، والتناهي على غير محدود!! فصح ما ذكرناه في بارينا سبحانه وعلمه بذاته التي هي أجل معلوم.