يخطر ببالنا ولا نعلمه ، وإذا كان مريدا لعلة موجودة فهي لا تخلو إما أن تكون قديمة أو محدثة ، لا يجوز أن يكون مريدا لعلة قديمة ؛ لأنه لا قديم سواه ، ولأنها لم تكن بأن توجب له كونه مريدا أولى من أن يوجب لها ذلك وذلك محال ، فلم يبق إلا أن يكون مريدا لإرادة محدثة وهو الذي نقوله ، وإذا كان كذلك فهي لا تخلو إما أن تحل أو لا تحل ، باطل أن تحل ؛ لأنها كانت لا تخلو إما أن تحله أو تحل غيره ، باطل أن تحله ؛ لأنه ليس بجوهر ولا جسم ، ولا يصح حلول العرض إلا في الجواهر والأجسام ، وباطل أن تحل غيره ؛ لأن الغير لا يخلو إما أن يتحيز عند الوجود أو لا يتحيز ، باطل أن تحل في غير المتحيز ، لأن أحدهما ليس بأن يكون حالا والآخر محلا أولى من العكس ، ولأن المعقول من الحلول وجود بجنب (١) الغير ، وذلك الغير متحيز ، وإذا حلت في المتحيز فلا يخلو إما أن يكون جمادا أو حيوانا ، لا يجوز أن تحل جمادا ؛ لأنه يؤدي إلى وجودها بحيث لا يظهر (٢) حكمها ، فلا ينفصل وجودها عن عدمها ، وحلولها في الجماد قد رفع اختصاصها بالقديم ، وإلا وجب أن يريد الشيء بإرادة تحل في بعض الجمادات في حال ما يكرهه بكراهة تحل في بعضها وذلك محال ، وإذا حلت حيوانا كانت إرادة له دون الباري تعالى لوجود الشرط والمصحح ، والموجب فقد رأيت بطلان حلولها ، ووجوب كونه مريدا بإرادة محدثة غير حالة ؛ لأن وجودها لا في محل غاية الممكن من الاختصاص به تعالى ، والعلة لا توجب إلا بشرط الاختصاص ، فمتى وجدت لا في محل كان لها من الاختصاص بالباري ما ليس لها من الاختصاص بغيره ، فيكون بأن يوجب له أولى من أن توجب لغيره ، ونحن نريد بالعلة في قولنا : لا تخلو إما أن يكون مريدا بالفاعل ، والعلة
__________________
(١) في (أ) بحث.
(٢) كذا في (ب) ، وفي (أ) : بحيث ما لا يظهر.