فيحصل تمانع الصفتين بالإثبات والنفي معا ، أو فلا يكون رازقا [ولا] (١) منعما فيما لم يزل إن كان لا وجود لمغير (٢) معه فيما لم يزل ، ولا يجوز ذلك في حق ذاته ، فما الوجه في كونه منعما رازقا فيما لم يزل تبع هي التضايف. والإلزام كون المنعم عليه المرزوق موجودا كما تقدم السؤال في الفصل المقدر زمانا؟
الجواب : هذه الصفة التي هي كونه جوادا ثابتة له عزوجل أزلا وأبدا ، على معنى أنه لا منعم على الحقيقة فيما لم (٣) يزال سواه ؛ لأن أصول النعم وفروعها من عنده سبحانه ، وليس كونه جوادا يقتضي كونه رازقا معطيا في وقت يستحيل فيه وجود الرزق والمرزوق ، ومعلوم أن وجودهما في الأزل محال ؛ لأن أحدهما لا يكون نعمة والآخر منعما عليه ، والمنعم عليه الباري سبحانه أولى من أن يكون [هو] (٤) منعما على الباري ، بل لا تنفصل النعمة من المنعم ولا من المنعم عليه لاشتراكهما في القدم الذي هو مقتضى صفة الذات الذي الشركة فيه توجب الشركة في سائر المقتضيات ، فتجب المماثلة ، وذلك يرفع التمييز والفصل ، وكل ذلك باطل ، والجواد هو الذي إذا سئل ما يحسن إيصاله إلى السائل أعطاه ، ويسد الخلة وإن لم يسأل ، ويغفر الزلة لمن زل ، ويضاعف الجزاء على قليل العمل ، ويعين الضعيف ، ويجيب المضطر إذا دعاه ، ويكشف السوء.
وهذه حاله [عزّ و] (٥) تقدس عند إمكان ذلك ، فتعالى من عزيز ما أعطفه ، وجليل ما ألطفه ، وجبار ما أرأفه ، فإن أراد أن الباري تعالى رازق في الأزل على
__________________
(١) زيادة في (ب).
(٢) في (ب) : لغيره.
(٣) في (ب) : فيما لا يزال.
(٤) زيادة في (ب).
(٥) سقط من (أ).