من قام بقلبه كالحكم في حدث الإرادة وله اختصاص بمحله لا تعدوه إلى محل آخر ، وهكذا كل قائم بغيره يجري على حكم الاختصاص ، فيلزم من ذلك أن معنى ما نقرؤه من القرآن ليس هو كلام الله وينتفي عن الإله تعالى حكم الاستناد في إحداثه إليه ، كاستناد [ما في جميع] (١) العالم من الأعراض إلى أنه محدثها في محالها التي لا قوام لها إلا فيها وبها يوصف كالسواد الذي صفة لمحله حتى قيل أسود ، فيكون بهذا كلام البشر لا كلام الله ، وفي ذلك تكذيب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وخروج عن الملة ، أفتنا يرحمك الله.
الجواب : قد بينا فيما سبق الكلام على حدثه فلا معنى لترداد ذكره ، وبينا أنه ليس بمعنى زائد على الأصوات والحروف ، وما ذكره من الإلزام متفرع على أنه معنى زائد عليها ، وعلى أنه صفة للمتكلم وليس بفعل من أفعاله بما تقدم فلا صحة ، فإذا بطل الأصل بطل الفرع تبعا ؛ إذ صحة الفرع مبنية على صحة أصله ، وبطل الأصل الذي هو كونه معنى زائدا على ما ذكرنا وكونه صفة للمتكلم ، حيث بينا أنه فعل من أفعاله فيما تقدم ، فلا صحة للفرع الذي فرعه عليه ، وقياسه للكلام على الإرادة لا يصح ؛ لأن الإرادة توجب للجملة إذا حلت في قلب الحي ، وإن لم تحل أمالها في جميع أجزائه على سبيل الشياع ، وليس كذلك الكلام ؛ لأنه لا يوجب للمتكلم حالا فلو حل قلب الأمين لم يوجب له صفة كونه متكلما ، غير أن الكلام ليس بمعنى في النفس كما قدمنا ، وليس مرادنا التطويل وبقية [النب] (٢) ينبي عن صدق البارق وإصابة النو.
وقد بينا فيما تقدم أن هذا الموجود بين أنباء كلام الله ، وبينا كيفية إضافته إليه
__________________
(١) في (ب) : جميع ما في.
(٢) في (أ) ، (ب) : النبيون ، ولكن بدون نقاط.