ـ تعالى عن ذلك ـ ثلاثة أقانيم : أقنوم الأب ، وأقنوم الابن ، وأقنوم روح القدس ، فعبروا بأقنوم الأب عن ذات الباري تعالى ، وأقنوم الابن عن العلم ، وأقنوم روح القدس عن الحياة ، وقالوا : هو واحد على الحقيقة وثلاثة على الحقيقة ، فقال تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) [المائدة : ٧٣] ، فمن جعل لله صفات هي هو زاد على مقالة النصارى كما ترى فالخطر عظيم.
قلنا : ولا يقال في الباري تعالى : إنه عالم بعلم ؛ لأن ذلك لا يخلو إما أن يكون موجودا أو معدوما ولا يجوز أن يكون عالما بعلم معدوم ؛ لأن العدم مقطعة الاختصاص ، فلو أوجب له العلم لأوجب لنا ، ومعلوم خلافه ، ولا يجوز أن يكون عالما بعلم موجود ، لأنه كان لا يخلو إما أن يكون لوجوده أول ، أو لا أول لوجوده ، فإن كان لا أول لوجوده فهو القديم ولا قديم سوى الله تعالى ؛ لأنه كان يكون مثلا لله تعالى ولا مثل له على ما ذلك مقرر في مسألة واحدة ، ولا يجوز أن يكون عالما بعلم محدث ؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون أحدثه ، وإحداث العلم لا يصح من غير العالم لأنه من قبل الفعل المحكم ، فكان يستغني بالعلم الذي يصح به حدوث العلم عن إحداث علم به يعلم ، ولا يصح إحداثه من غير فعل ؛ لأن غيره لا يكون إلا من فعله تعالى ويكون محكما ، ولا يصح الفعل المحكم إلا من العالم فكان يستغني بذلك عن إحداث عالم محدث له علما ، ولأن إحداث العلم في الغير مستحيل ، لأن من سواه تعالى قادر بقدرة ، والقادر بقدرة لا يقدر على إحداث العلم في غيره ، لأنه لا يفعل في غيره إلا بالاعتماد ، والاعتماد لا يولد العلم ، فبطل أن يكون عالما بعلم محدث ، وبطل أن يكون عالما بعلم قديم.
ومذهبنا أنه تعالى عالم لذاته ، والدليل على ذلك أنه لا يخلو إما أن يكون عالما أو