ولا يترك رجل منهم ولا امرأة على الكفر. ذكر ذلك في سيره (١).
والكلام في هذه المسألة على نحو الكلام في الأولى إلا أنه عليهالسلام نفى حكم الشرك عن رجل وامرأته ، فأجرى عليهما حكم المرتد في دار الإسلام ، وجعل الردة ملة منفردة من ملل الكفر فلها حكم يخصها ، بدليل أنه قال في الأولى : تقتل مقاتلتهم ، وتسبى ذراريهم ؛ وحكم في الرجل وامرأته بخلاف ذلك لما نذكره فيما بعد.
وعندنا يكفر المسلم المحقق باستحالة السكنى في دار الحرب ؛ لأن المعلوم من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خلافه ، لأن عندنا إن حكم من اختار سكنى دار الحرب على دار الإسلام يخرجه ذلك عن الإسلام ويكفر بمجرد ذلك ولا تبقى له حرمة الإسلام ، ولو كان ملتزما لجميع خصال الإسلام إلا هذه ، لأن المعلوم من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تحريم مساكنة القوم إلا على من لم يجد حيلة ولا يهتدي سبيلا فحكمه والحال هذه حكم المسلمين ، وعند ظهور قدرة المسلمين عليهم حرمتهم باقية متى كانت الصورة ما ذكرنا ، ونرى أنه يجري عليه حكم الكفار وعلى جميع أولاده وأولاد أولاده بلا فصل ولا فرق ، وعمدتنا قوله تعالى : (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) [القمر : ٤٣] فجعل حكم كفر الكافرين واحدا ، وهو عليهالسلام فصل حكمه عن حكم أهل دار الحرب ، وهذا بناه على أصل تنويع الكفر أنواعا فجعل الردة نوعا ، وجعل الحرب القليل في جنب الكفار التي انحاز إلى ملتهم ، وجعله لكونه مفردا لا شوكة له ، بدليل أنه في المسألة الأولى أجرى المنتقلين وهم
__________________
(١) كتاب (السير) للإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية لم نجد له نسخة خطية ، وقد جمع رضوان السيد بعض ما روي عن محمد بن عبد الله بن الحسن من السيرة في أهل البغي ، عن الإمام محمد بن منصور المرادي ، ونشره في مجلة كلية الآداب ـ جامعة صنعاء ـ العدد (١١) سنة ١٩٩٠ م.