والصلاة دار كفر ، ولا شك في ذلك ؛ لأن الكلام لا يفيد ما لم يقل الأقرب عندي أن يكون كل موضع يظهر فيه تشبيه لله جل وعلا بخلقه ، أو تجويره في حكمه ، أو إضافة القبائح إليه ، أو الإلحاد في أسمائه ، أو نفي شيء من أفعاله عنه ، أو إضافة أفعال خلقه إليه ، أو تكذيبه في خبره ، أو تجويز إخلاف وعده ووعيده ، أو إنكار شيء مما علم ضرورة من دين نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يجوز أن تسمى دار كفر.
فأما إذا ذكر صفات الإسلام وشرائعه وقال : لا تكون دارهم دار كفر ، فذلك الواجب ، وأما تمثيله بما ذهب إليه الحنفية فتمثيل صحيح على أصولنا وأصولهم ؛ لأن أهل دار الحرب إذا دخلوا دار الإسلام وتحصنوا في حصن (١) ، فالمعلوم أن ذلك لا يصير من دار الحرب. قال : فيجب أن يكون الموضع متاخما لدار الكفر ومتصلا بها كما ذهبت إليه المعتزلة ؛ والمتاخم هو أن يكون انتهاء حده إلى دار الحرب.
الكلام في ذلك : إنهم إذا دخلوا دار الإسلام ، وتحصنوا في حصن (٢) فيها فالحكم للإسلام ؛ لأن الشوكة والسطوة لهم ، والكفر محصور مقهور ، وإنما امتنعوا بمنعة الحصن لا بشوكتهم ولا حديتهم (٣) ، فلا شوكة لهم والحال هذه ، وما لم يكن لهم شوكة فالحكم للإسلام على كل حال ، ومتى كان متصلا بدار الكفر والكفر عضده ومدده (٤) فله الشوكة به ؛ فيكون والحال هذه دار الكفر ، فالمثال لا تنبني عليه المسألة لمتأمله بعين البصيرة.
فأما قوله : فاقتضى ذلك أنهم وإن كانوا قائلين بالتشبيه ومستوجبين للكفر بهذا
__________________
(١) في (ب) : حصين.
(٢) في (ب) : حصين.
(٣) في (ب) : ولا حدبهم.
(٤) في (ب) : وممده.