إن الكيميائي قد يعرف خواص سائل أو غاز يقلبه تحت يده ويجري عليه ما شاء من تجارب ، فكيف يجوز للعباد أن يتدخلوا بالبحث النظري في شأن الألوهية لينكروا أو ليثبتوا؟ وشأن الألوهية بالنسبة إليهم عزيز المنال.
إن اللغات من وضع الناس على مر الزمان.
فنحن العرب وضعنا كلمة أذن مثلا لهذا التجويف أيمن الوجه أو أيسره الذي نسمع عن طريقه الأصوات ونتبين الكلمات ...
وقد وضع غيرنا من أبناء اللغات الأخرى كلمات تدل على هذه الحاسة غير الكلمة المتداولة بيننا ، والمهم أن هذه الألفاظ الموضوعة استحدثها الناس لمفاهيم مادية أو معنوية مارسوها وألفوها ، ومن هنا فالمجيء بهذه الكلمات للدلالة على أمور مغيبة ليس إلا من قبيل التقريب للذهن ، ولا يمكن أن تكون هذه العبارات ـ التي صنعناها نحن بيانا للمحسوسات أو المعقولات المأنوسة لنا في عالمنا ـ وصفا حقيقيا لعالم ما وراء المادة.
على ضوء هذا الملحظ نفهم حديث أي لغة عن الله جل شأنه وعن صفاته العليا ، إن الأمر لا يعدو تقريب الحقائق المطلقة لو عينا المحدود.
والله أكبر من أن تحيط بعظمته عقولنا. أو تستوعب كمالاته أقدارنا.
وقال ابن أبي الحديد :
والله لا موسى ولا عي |
|
سى المسيح ولا محمد |
علموا ولا جبريل وهو |
|
إلى محل القدس يصعد |
كلا ولا النفس البسيطة |
|
لا ولا العقل المجرد |
من كنه ذاتك غير أنك |
|
أوحديّ الذات سرمد |
وجدوا إضافات وسلبا |
|
والحقيقة ليس توجد |
ورأوا وجودا واجبا |
|
يفنى الزمان وليس ينفد |
فلتخسأ الحكماء عن |
|
حرم له الأفلاك سجّد |
من أنت يا رسطو ومن |
|
أفلاط قبلك يا مبلّد |
ومن ابن سينا حين قرّ |
|
ر ما بنيت له وشيّد |