كان مرادفا للإسلام ، أو ملازما له.
ولكن هذا العرف الشائع يؤكد أن الإسلام يرفض رفضا حاسما أي مسلك ينطوي على الاستهتار بالأعمال المطلوبة ، والتمرد على شارعها جل شأنه.
ولذلك نعد رفض الخضوع لله خروجا على الإسلام ، ومروقا عن الدين ، وهدما للإيمان ، مهما زعم هذا الرافض من معرفة ويقين.
لقد كان إبليس يعلم أن الله واحد لا شريك له ، وكان يعلم أن مصيره إليه يوم يبعثون.
بيد أنه لما صدر إليه الأمر : أن اسجد ، فقال ـ مستكبرا جاحدا ـ : لا .. عدّ كافرا ولم تشفع له معرفته بوحدانية الله ، لأن المعرفة المجردة عن مبدأ الخضوع المطلق لرب العالمين لا وزن لها.
والمعصية التي يقارنها هذا التمرد تخلع صاحبها من الإيمان خلعا.
والمعروف في دراستنا النظرية أن الدين عقائد وعبادات وأخلاق ، وأن الصلة بالله هي القائد الأول لبقية الشرائع ، وأن صحة هذه الصلة ضمان للنجاة ، وإن قلّت حظوظ المرء من بقية التكاليف الشرعية ...
ونريد أن نتوقف قليلا لنناقش هذا التفكير ، فلا نجوّز على أصل الإيمان ، ولا نجوز على مجموعة الأعمال المرتبطة به والناشئة عنه.
من حق علمائنا الأقدمين أن يهدروا كل خير يصنعه الكافر ، وأن ينوّهوا بثقل كلمة التوحيد في ميزان الصالحات.
إن وجهة نظرهم واضحة فإن الذي يرتكب في عصرنا جريمة الخيانة العظمى ، تعصف جريمته بكل خير فعله من قبل.
ويوم يقال : فلان خان وطنه وباعه للأعداء ، فلن ترى إلا الازدراء والمقت والإجماع على استحقاق أقسى العقاب.
ولو قيل : إن هذا الشقي كان برا بأمه ، أو كريما مع خدمه ، أو لطيفا مع أصدقائه ، فإن هذه الخصال جميعا تطوى في صمت ، وتزم دونها الشفاه! ولا تغني عن حكم