الموت المادي والأدبي الذي يستحقه هذا الخائن.
والواقع أن سلفنا نظروا إلى الكافر بالله نظرة العصر الحاضر إلى الخائن لأمته ، ورفضوا الاعتراف بأي خير يفعله ، أو الإقرار بأي ميزة له.
والكافر ـ في نظرنا ـ أهل لهذا الهوان.
والجاحد لوجود الله ، الخائن لنعمته ، المنكر للقائه ، يرتكب بهذه الخلال أشنع جرائم الخيانة العظمى ، وليس له ما يدفع عنه ، مهما صنع : (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) [الحج : ١٦].
إلا أن هذه الحقيقة تولّد عنها خطأ شائع ، ألحق بالإيمان وأهله ضررا بليغا.
فقد فهم العامة أن حسن الصلة بالله ـ وهو فضيلة بيقين ـ قد يجبر النقص في بقية الواجبات المفروضة.
ثم تدرّج هذا الفهم إلى أن هذه الواجبات يمكن أن تتلاشى ويغني الإيمان المجرد عنها.
وانضم إلى هذا الوضع أن الذين انحرفوا عن الإيمان ، ونسوا الله ، أتقنوا طائفة من الأعمال الإنسانية ، والفنون الحيوية ، وسبقوا بها سبقا بعيدا.
وعند ما قام في العالم هذا التناقض ، اهتزت قضايا الدين ، وتخاذلت صفوف المؤمنين ، ونجمت في أرجاء الدنيا فتن عاصفة.
إن المعنيين بالتربية الدينية قد يسيئون إلى الإيمان ، حين يتصورونه منديلا يمسح فيه الخطّاءون عيوبهم ، فهم يعثرون والإيمان يغفر ، ويكسرون والإيمان يجبر.
وكثير من أتباع الأديان السماوية ظنوا التمسك بأصل الدين كافيا في النجاة مهما صنعوا.
وقالوا : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ ...) [البقرة : ١١١].
وقد فنّد القرآن الكريم هذه المزاعم ، ورسم طريق النجاة الحقيقي ، وهو مزيج من الإيمان الحي ، والإحسان في العمل والإخلاص لله (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ