يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) [فاطر : ١٨].
والنفس المثقلة بالخطايا ـ ولو كانت لرجل من المصلّين ـ لا يفوتها جزاؤها كما رأيت في حديث الرسول. وهو يصف أمته عند اجتيازها الصراط.
والظاهر أن الشفاعة التي يرجوها النبي الكريم إنما تدرك صنفا من الناس تأرجحت موازين الحق والباطل في أعماله فهو بين السقوط والنجاح.
ونحن في حياتنا ننظر إلى التلامذة الذين يقتربون من النهاية الصغرى للنجاح نظرة رأفة. ونميل إلى منحهم درجة أو درجتين جبرا لنقصهم.
أما الذين يبتعدون عن المستوى الأدنى للنجاح مسافة بعيدة فإننا نحكم بسقوطهم فورا.
فلعل الشفاعة المنسوبة للرسول الكريم تنقذ أمثال هؤلاء المقاربين للنجاة وبهذا التفسير يتم الجمع بين النصوص.
وقد يكون المقصود من هذه الشفاعة التنويه بمكانة النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله والإشادة بمنزلته الكبرى عند الله ..
ومثال ذلك في مجتمعنا أنه في مناسبات خاصة ـ كعيد ميلاد الملك أو عيد الفطر المبارك ـ يفرج عن طوائف المسجونين الذين قضوا أغلب المدد المحكوم عليهم بها ، ويراد إشعارهم بفضل المناسبة التي ستسوق لهم العفو والحرية.
وهذه الحرية الممنوحة بالعفو العام ، لا تخدش أصل العقوبة المقررة.
ولا يفهم منها أنه لا ضرورة لسن القوانين وبناء المحاكم وتعيين القضاة. كما يريد أن يفهم ذلك عوام المسلمين من أحاديث الشفاعة المنسوبة لنبيهم ، والتي تشير إلى أن الله قد يجيب دعاء نبيه وهو جاث بين يدي ربه يسأل الصفح عن الأمم الغفيرة من الأولين والآخرين ، التي أدركها خر الموقف المعنت ، وألهب عصاتها شواظ من النار المستعرة ، فهي تضرع إلى الله أن يرفع غضبه وتتردد على أنبيائه جميعا كيما يشاركوهم الرجاء والدعاء.
على أنه مهما بلغت منزلته عند الله فلن يتجاوز في الله حد الزلفى لمولاه ، وما كان لنبي أن يفرض رأيا أو يقرر حكما : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ