النجوم السّيّر التي جعلها الله هدى للسارين (١) في الظلمات ، سروا في البحار أو كان سراهم في الفلوات. كما قال الله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧)) [الأنعام : ٩٧].
وتسخير ما ذكر الله سبحانه من الشمس والقمر ، وتسخيره لغيرهما من النجوم السّيّر ، فظاهر بحمد الله غير متوار ولا خفي ، يبصره عيانا كل ذي عقل حيي ، لما فيها من آيات التسخير ، وبيّن ما (٢) معها من دليل التدبير ، بتفاوت نورها ، وغيره من أمورها ، في السرعة والإبطاء ، والظهور والخفاء ، والرجوع والتّحيّر ، والدأب (٣) في التدوّر ، فهي راجعة في المسير ومتحيّرة ، ومقبلة بالدءوب (٤) ومدبرة ، فهذه حال المسخّر غير مرية ولا شك ، جرى بها فلكها أو كانت جارية بأنفسها في الفلك. والتفاوت بينها (٥) في الضياء ، فكغيره من التفاوت بين الأشياء ، ولا يقع حكم التفاوت ، أبدا بين متفاوت ، إلا كان له وفيه ، من فاوت (٦) بينه في حاليه ، وكان مملوكا اضطرارا غير مالك ، وكان ملكه لمن أسلكه من التفاوت في تلك المسالك. وكذلك حال (٧) تفاوت هذه النجوم ، يجري من الله فيه (٨) بحكم محكوم ، ولله سبحانه من (٩) ملك كل نجم وفلك ماله من ملك كل مملوك ، والحمد لله إله الآلهة وملك الملوك ، ومدبر كل نجم وغيره ، بما لا يخفى من أثر تدبيره ، في الهيئة والتصوير ، والمقام والتحيير والتيسير ، ذلك قوله سبحانه فيما وصفنا من قدرته على خلق الواحد المشتبه من شتيت الأصناف ،
__________________
(١) في (أ) : للسائرين.
(٢) في (أ) و (د) و (ه) : وبين معها.
(٣) التحيّر : من الحور. أي : الرجوع. عطف تفسيري. وفي (ب) و (ج) و (د) : الدءوب.
(٤) في (أ) : للدوب.
(٥) في (ج) : وتفاوت ما بينها في الضياء ، فكغيره من تفاوت ما بين الأشياء.
(٦) في (ج) : يفاوت.
(٧) في (ج) : حكم.
(٨) في (ج) : فيها.
(٩) في (ج) : في.