الرواسخ ، إلا بقوة أيد من قوي شديد ، وتدبير رشيد (١) من عزيز حميد ، لا يؤده حفظ شيء ولا صنعه ، ولا يمتنع منه قوي وإن عز تمنّعه (٢) ، ذلك الله العزيز الأقوى ، ومن لا يماثل في شيء ولا يساوى ، فيصعب عليه ما يصعب على الأمثال ، من صنع فجاج رواسي الجبال ، وما جعل فيها من السبل المسهلة ، وما منّ به في ذلك من النعم المفضلة ، التي لا يمن بمثلها مآنّ (٣) ، ولا يحتملها سوى إحسان الله إحسان ، ولا يدعي المنة فيها مع الله أحد ، ولا يقوم بها سوى مجد الله مجد.
ومن ينكر إلا بمكابرة لنفسه ، أو إكذاب لحقائق درك حسه ، أن السماء جعلت كما قال الله سبحانه : (سَقْفاً مَحْفُوظاً) [الأنبياء : ٣٢]. وقد يعاين سمكها عيان عين مرفوعا ، وآياتها من نجومها دائبة غروبا وطلوعا ، ونرى السماء كما قال الله سبحانه محفوظة في مكانها ثابتة غير زائلة ، ونرى الشمس والقمر وغيرهما من نجومها مقيمة على هيئة واحدة غير حائلة ، ونعلم يقينا ، ونوقن تبيينا (٤) ، أنه مستنكر مدفوع ، ومقبح في اللب مشنوع ، أن يتوهّم حفظ مثل (٥) ما ذكرنا ، ودوام ما قد عاينا وأبصرنا ، دائما ثابتا مقيما ، ومن البلاء والزوال سليما ، إلا بحافظ عزيز ، وحرز من الحفيظ حريز ، لا تحيط (٦) به الملالات (٧) ، ولا تلتبس به الغفلات ، ذلك الله العزيز الحكيم ، المقتدر العليم ، ومن يشك فيما قال الله من إعراض الناس عن آيات السماء ، وهم بكل ما فيها من آياتها أجهل الجهلاء ، لا يعتبرون من عبرها (٨) بظاهر مقيم ، لا ولا بسائر دائب مديم ، لا يني في مسيره ولا يفتر ، يخفى في مسيره مرة ويظهر ، مدبر لما (٩) يحث حثا ، لا يحتمل
__________________
(١) سقط من (ب) و (ج) : وتدبير رشيد.
(٢) في (أ) : بمنعة.
(٣) في (أ) و (ه) : منان.
(٤) في (أ) : بتا.
(٥) سقط من (أ) و (ه) : مثل.
(٦) في (أ) و (د) و (ه) : تختلط.
(٧) الملالات : جمع ملالة ، وهي السئم.
(٨) في (ب) و (ج) : غيرها.
(٩) في (ب) : بما. وسقط من : (أ) و (د) و (ه).