صاحبه لا يألم له (١) ولا يجده ، فهو يزيده دائبا ويمده ، إذ لا يجد له في نفسه ألما ، ولا يعدّ عماه فيه عمى ، فلذلك ما (٢) ازداد داؤه ، وقلّ من عماه شفاؤه ، ولو وجده فلمسه ، أو ألمّ بألمه فحسه (٣) ، لطلب له الشفاء ، ولما كان متبّرا متلفا ، ولو طلب ـ ويله ـ طب ما به من دائه ، عند من جعل الله عنده طبّه من أهل الحق وأوليائه ، لوجد عندهم من ذلك شفاء له شافيا ، ونورا لما عدم من بصره كافيا ، ولكنه أصر عن آيات الله مستكبرا ، وعدّ عماه عن الله وعن تبيينه بصرا ، فكانت مقالته على الله كاذبة ، ونفسه فيما بينه وبين الله للآثام كاسبة ، كما قال الله العليم بإصرار المصرين ، في أمثاله من الأئمة (٤) المستكبرين : (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠) هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (١١) * اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١٣) [الجاثية : ٧ ـ ١٣].
فكذلك (٥) هو فكما قال وإلا فمن سخّره ، هل ادعا تسخير ذلك أحد قط أو ذكره؟! لا ولو ادعاه مدّع إذا لكان كذبه مكشوفا ، ولكان بكذبه (٦) في كل قرن خلا أو بقي من القرون موصوفا ، وما ادعا ذلك فرعون في جهله وعتائه (٧) ولقد ادعا غيره
__________________
(١) في (أ) و (د) : به.
(٢) ما زائدة.
(٣) في (أ) : فأحسه.
(٤) في (ب) و (ج) و (د) : الأئمة.
(٥) في (د) و (ه) : وكذلك هو كما.
(٦) في (ب) : تكذيبه. وفي (د) : كذبه.
(٧) العتيّ : الاستكبار ومجاوزة الحد.