يقول سبحانه : (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) [الشورى : ٤٩ ـ ٥٠]. فملك جميعهما ، وما يرى من بديعهما (١) ، فمعاين موجود لا يخفى ولا يتوارى ، عن كل من يعقل ويبصر فيرى ، وكل ملك صح دركه رؤية وإيقانا ، فلا بد من درك مالكه باليقين وإن لم ير جهرة عيانا. وكل مفترق في الخلقة والصنع والفطور ، مما ذكر سبحانه من الإناث والذكور ، فوجد كما وجد (٢) افتراقه ، وبان فطرة صنعه وفطرته واختلاقه ، فلا بد له اضطرارا ، إذ وجد كذلك (٣) جهارا ، من مميّز فارق ، ومفتطر خالق ، لا يشك في ذلك ولا يجهله ، إلا من لا عقل له.
فلخلق الله تبارك وتعالى لما شاء ، فرّق بين ما خلق من الذكور والإناث وأنشأ ، فوهب لمن يشاء إناثا ووهب لمن شاء ذكورا ، وجعل كلا على حياله خلقا مفطورا ، غير مشبه بعضه لبعض ، كما السماء غير مشبهة للأرض ، ووهب لمن شاء ذكورا وإناثا معا ، فجمع ذلك له بموهبته فيه جميعا ، وجعل من شاء من الرجال والنساء عقيما لا يلد ولدا ، ولا يكون (٤) منه ولد أبدا ، إلا بعد تبديله الإعقام وتغييره ، وبحادث (٥) يحدثه في ذلك من صنعه وتدبيره ، (٦) كما فعل سبحانه في امرأة زكريا ، وما وهب لهما (٧) من يحيى ، صلى الله عليهما وعليه ، وما منّ به عليهما من ذلك وفيه. وما وهب لإبراهيم صلى الله عليه من الولد بعد يأسه منه ، وكبره صلى الله عليه عنه (٨) ، وفي ذلك ما يقول عليهالسلام ذكرا ، وحمدا وشكرا ، بما وهب له تبارك وتعالى ، في ذلك من الموهبة والنعماء : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي
__________________
(١) في (أ) و (ج) : جميعها وما يرى من بديعها.
(٢) في (أ) و (ج) : وجدنا.
(٣) في (أ) و (ج) : ذلك.
(٤) سقط من (أ) و (ج) : يكون.
(٥) في (أ) و (ج) : ولحادث.
(٦) سقط من (ب) : وتدبيره.
(٧) في (ب) و (د) : لها.
(٨) سقط من (أ) و (ج) : عنه.