لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩)) [إبراهيم : ٣٩].
وفي محاجّة الملك ، بالمكابرة والإفك ، لإبراهيم (١) خليل الله ، إذ يقول عليه صلوات الله (٢) : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) ـ فقال الملك بالمكابرة والكذب ـ : (قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) [البقرة : ٢٥٨]. وإنما قال إبراهيم عليهالسلام من ذلك صدقا ، ونطق به (٣) في محاجّته للملك بما نطق حقا ، لا شك فيه ولا مرية ، ولا شبهة ولا ظلمة مغشية ، لأنه لمّا وجدت الحياة يقينا والموت ، وجد بوجودها اضطرارا المحيي (٤) المميت. ولما لم يجد الملك ـ صاغرا لليقين بهما والاضطرار ـ سبيلا لنفسه بحدثهما إلا المكابرة فيهما والإنكار ، (٥) كابر لدادا ، ومباهتة وجحادا ، فقال : (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ). وكيف يكون محييا أو مميتا ، من لا يملك لنفسه حياة ولا موتا؟!
وفي مثل ذلك ، ومن كان كذلك ، ما يقول الله سبحانه : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) [الفرقان : ٣]. وفيما اتخذوا (٦) من تلك الآلهة الملائكة المقربون ، وعيسى بن مريم عليهالسلام وما كان من آلهتهم يعبدون ، فقال تعالى : (آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً)(٣) [الفرقان : ٣]. فلما كابر الملك إبراهيم عليهالسلام من قوله بما كابره به مباهتة وإفكا وزورا ، (٧) فقال صلوات الله عليه ورضوانه : (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) [البقرة : ٢٥٧].
وتأويل بهت هو : صمت وسكت عن الإفك والمباهتة والجحود ، إذ قرره صلى
__________________
(١) في (ب) و (د) : لأبيك إبراهيم.
(٢) في (أ) و (ج) : صلوات رب العالمين.
(٣) سقط من (ب) و (د) : به.
(٤) في (ب) و (د) : المجيء والمميت.
(٥) في (أ) و (ج) : وإن كان. مصحفة.
(٦) في (ب) و (د) : اتخذه.
(٧) سقط من (أ) و (ج) : وزورا.