أمرين :
إما أن يكون هو كوّن نفسه ، أو غيره كوّنه (١)!!
فإن كان هو الذي كوّن نفسه لم يخل أيضا من أحد أمرين :
إما أن يكون كوّن نفسه وهو معدوم ، أو كوّنها وهو موجود! فإن كان كوّنها وهو معدوم ، فمحال أن يكون المعدوم أوجد نفسه وهو معدوم. وإن كوّنها وهو موجود ، فمحال أن يكون الموجود أوجد نفسه وهو موجود. إذ وجود نفسه قد أغناه عن أن يكوّنها ثانيا. فإذا بطل هذا ثبت أن الذي كوّنه غيره ، وأنه قديم ليس بمحدث ، إذ (٢) لو كان محدثا كان حكمه حكم المحدثات.
وإن كانت الأحوال قديمة فذلك يستحيل ، لأنا نراها تحدث شيئا بعد شيء في حين واحد ، في نفس واحدة ، فلو كانت (٣) كلها مع اختلافها في أنفسها وأوقاتها قديمة ، لكانت الترابية نطفة مضغة دما علقة عظما لحما إنسانا ، في حالة واحدة ، إذ القديم هو الذي لم يكن ، ولم يزل (٤) وجوده ، وإذا لم يزل وجود هذه الأحوال ، كان على ما ذكرت وقلت ، من كونه ترابا مضغة لحما عظما إنسانا ، في حالة واحدة ، إذ الأحوال لم يسبق بعضها بعضا ، لأنها قديمة ، ولأن كل واحد منها (٥) في باب القدم سواء ، فإذا استحال وجود هذه الأحوال معا في حين واحد ، في حالة واحدة ، وثبت (٦) أن الترابية سابقة للنطفية ، والنطفية (٧) سابقة للحال ، التي بعدها (٨) ، صح الحدوث ، وانتفى عنها
__________________
(١) في (أ) و (ج) : كون نفسه وهو معدوم أو غيره كونه.
(٢) في (أ) و (ج) : إذا لو كان.
(٣) في (أ) و (ج) : ولو كانت.
(٤) الأزل : استمرار الوجود في الأزمنة غير المتناهية ، والأزلي : هو من لا يكون مسبوقا بغيره. التعريفات / ٣٢ ، المعجم الفلسفي / ٩.
(٥) في (ب) و (د) : ولأن كلها.
(٦) في (ب) و (د) : فصح.
(٧) في (ب) : والنطفة.
(٨) في (أ) و (ج) : التي معهما. وفي (ه) : للحالتين اللتين بعدها.