من حكمه حكمة ، فيكون هذا ترك قولهم كله ، والخروج من معهود فرعهم فيه وأصله.
ثم قال زعم : والذي اضطرت عظمته أعداءه ، الجاهلين له ، والعامين عنه ، إلى تعظيمه ـ كما زعم ـ لا يجد الأعمى بدا مع قلة نصيبه من النهار أن يسميه نهارا مضيئا.
وجهله بما بين العامين والعمين من الفرق في اللسان ، أوقعه بحيث وقع من جهله بمخارج (١) القرآن ، والعامي فإنما هو ما نسب إلى أعوام الزمان ، والعميّ فإنما هو أحد العميان ، فكيف ويله مع جهله لهذا ومثله ، يقدم على تعنيف وحي كتاب الله ومنزله ، الذي نزله على رسله ، سبحان الله ما يبلغ العمى بأهله!! فثبّت العظمة من نوره جزءا ، وجعلها (٢) من أعضائه عضوا ، ونسب إليها بعد فعلا ، زالت (٣) به عن عدو النور جهلا ، ورفعت به عن العمين ـ زعم ـ عماهم ، والعمون فلا يكونون عنده إلا ظلماهم ، فلا نرى عظمتهم عندهم ، وإن كابروا في ذلك جهدهم ، إلا وقد أولت الظلمة خيرا كثيرا ، وأحدثت (٤) للجهل والعمى تغييرا ، وهو يزعم في قوله ، أنه لا تغيّر (٥) في شيء من أصوله ، والأعمى فلم ينكر قط نهارا ، ولم يستصغر نهاره احتقارا ، ولم يعارضه به جهل ، ولم يكن له عما فيه تبدّل ، وأعداء نوره به ـ زعم ـ جاهلة (٦) ، وعن مذهبه فيه ضآلة مضلة ، (٧) فكيف يصح تمثيله لهم بالأعمى؟ إن هذا لصمم من ابن المقفع وعمى!!
ثم قال : ومسبّح ومقدّس النور. (٨) النور الذي ـ زعم ـ من جهله لم يعرف شيئا
__________________
(١) في (ج) : جهله لمخارج. وفي (د) : بمن جهله بمخارج.
(٢) في (أ) و (ب) و (د) : وجعله من. وفي (ج) : وجعل له من. وما أثبت هو الصواب. تأمل.
(٣) في (أ) و (ج) : أزاله. وفي (د) : أزالت.
(٤) في (ج) : أو حديث (مصحفة).
(٥) في (أ) و (ج) : لا يغير شيء من أصوله.
(٦) في (ج) : جهله. (تصحيف).
(٧) في (أ) و (ج) : متصلة.
(٨) في (ب) و (د) : ومقدس النور الذي.