نال من قدس البركة (١) ما نال.
ومسبّح فقد نقولها (٢) ، إذ نجدها له ونعقلها ، من كل ما هو سواه مفطورا ، ظلمة كان ذلك أو نورا ، فأما هذيان التعبث ، وقول التناقض والتنكث ، فهو بحمد الله ما لا نقول ، مما لا يقارب قول (٣) أهل العقول ، فأما قوله : الذي من جهله لم يعرف شيئا غيره ، فافهموا فيه هذيانه وهذره ، فلعمر أبيه ، ولعمر مغويه ، لقد يعرف ـ الطب والصناعات ، وأنواع ما تفرق فيه الناس من البياعات ـ من لا يعرف نوره ، ولا يتوهم أموره ، يعرف ذلك يقينا من نفسه ابن المقفع ، ويرى منه (٤) بيانا بكل مرأى ومسمع ، كم ترون من طبيب طلب منه ابن المقفع الدواء؟! أو موصل من العوام أوصل إليه سراء (٥) أو ضراء؟! توقن نفسه أن طبيبه يداويه ، وأنه لا ينجع (٦) فيه بغير يقين تداويه.
وكذلك من أوصل إلى ابن المقفع ضراءه فقد يعلم أنها غير سرّائه ، أو أوصل إليه سرّاءه فقد يوقن بتّا أنها غير ضرائه ، وهذا من تكذيبه فيما قال فأتم موجود ، كثير بين الناس في كل ساعة معهود ، لا يشك في يقينه أهل الطب والصنائع ، ولا العامة فيما تدبر من المضارّ بينها والمنافع ، وكلهم لا يوقن بشيء مما زعم في نوره ، بل يزعم أن الجهل في كل ما هو عليه من أموره.
ثم ابن المقفع فقد يعلم بتّا يقينا ، أن الناس لا يثبتون لشيطانه فعلا ولا عينا (٧) ، فأي أمر أعمه عمها؟! أو ضلالة أقل شبها؟! من ضلالة دخلت بأهلها ، في مثل هذا السبيل من جهلها! فنعوذ بالله من خزي الأضاليل ، ونعتصم به من لهو الأباطيل ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا طيبا مباركا فيه.
__________________
(١) في (د) : البركة له ما نال.
(٢) في (أ) و (ج) : ويفعلها. تصحيف.
(٣) في (أ) : يقارب قوله العقول.
(٤) في (أ) و (ج) : وابن أمية. تصحيف.
(٥) في (أ) و (ج) : شرا أو ضرا.
(٦) أي : لا ينفع.
(٧) في (ب) و (ج) : عبثا.