الشر ، عن مبلغ كثيرها في مواقعه من الضر ، وبعضها كذلك مع كلها ، فرعها فيه ليس كأصلها.
فأي عدوان أعدى؟! أو طريقة أقل هدى؟! مما تسمع من أمورهم أيها السامع ، فلتنفعك في بيان قبائحه المنافع ، وأيّا (١) ما ـ ويله ـ رأى من الأشياء ، من كل ظلمة أو ضياء ، يحمد أو يذم في الناس دائبا ، وليس في الحمد والذم عندهم متقلبا ، ألم ير (٢) أن الظلمة ربما نفعت فحمدت ، وذلك إذ استترت الأبرار (٣) بها عن ظلم الظالمين فسلمت ، وطلبت فيها وبها ، البرد (٤) فأدركته في طلبها ، فهذا منها نفع ظاهر في دنيا ودين ، يراه (٥) بيّنا من أمرها كل ذي عين وقلب رصين (٦) ، ثم تعود منافعها مضارا ، إذا أعطت (٧) هذا منها أشرارا ، وكذلك أحوال النور ، في جميع ما يرى من الأمور ، ربما (٨) نفع فيها ، ثم عاد بالضر عليها ، وقد ذكرنا من ذلك في صدر كتابنا طرفا ، فيه لمن أنصف في النظر ما كفى.
وقال في كتابه زعم لبعض من دعاه (٩) : إن الذي دعاه إليه رجاؤه فيه للهدى. فمن يأوله رجا ، الظلمة التي لا ترجى ، ولا يكون (١٠) منها أبدا إلا الأذى ، ولا يفارقها
__________________
(١) في (ب) و (د) : وأيما.
(٢) في (ب) و (ج) و (د) : ألم تر.
(٣) في (أ) و (ج) : الأنوار. (مصحفة).
(٤) في (ب) : البرة. (مصحفة). والبرد هنا : النوم. قال تعالى : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً). أي : نوما.
(٥) في (ب) و (د) : يرى.
(٦) الرصين : المحكم الثابت.
(٧) في (أ) : مضارا أعطت هذا فيها أسرارا.
(ب) : إذا أعطت به هذا منها أسرارا. (ج) : مضارا أعطيت هذا فيها أشرارا. والمعنى : أنها تنقلب منافعها إلى مضار إذا سترت الأشرار. وهم يرتكبون الجرائم.
(٨) في (أ) و (ج) : بما (مصحفة).
(٩) في (ب) و (د) : دعا.
(١٠) في (أ) و (ج) : يمكن.