فاستكبر (١) ، من أن ترجم الشياطين على علم وحي الله ومنزله ، كي لا تسبق به الشياطين إلى أوليائها قبل رسله ، فينتشر علمه قبلها في الناس انتشارا ، فيزداد مثله (٢) يومئذ له إنكارا ، ويحكم له (٣) فيه ظنونه ، ويزيد فتنة به مفتونه ، فأيما (٤) من هذا أنكر في رحمة الله الرحيم ، وفيما خص الله به رسله من التكريم.
فإن قال فما باله إذا أراد إنزاله؟! لم يطوه حتى لا يناله ، شيطان رجيم مريد ، ولا مطيع رشيد ، إلا رسوله من بين خلقه وحده ، فيكون هو الذي يبث (٥) رشده؟!
فليعلم أنه لم يصل (٦) إلى الأرض من الله حكمة في تنزيل ، إلا كانت ملائكة الله أولى فيها بالتفضيل ، لأنها صلوات الله عليها أطوع المطيعين وأعلمهم عن الله بحكم التنزيل ، وأنها في ذلك متعبدة ، وبه لله عزوجل ممجّدة ، وإنما تعبدها الله سبحانه بالعلم ، وفضلها في العبادة للحكم ، والتنزيل بعلم العلوم ، وبحكمة كل محكوم ، وجبلّة الجن جبلة (٧) ، للسمو إلى السماء محتملة ، والجن فهم (٨) بفضل أهل السماء عالمون ، وإلى علم ما عندهم من العلوم متطلعون ، فإذا دارت في الملائكة حكمة وحي نزّل (٩) فيها ، أو عدل حكم (١٠) حكم به في الأمور عليها ، استرقت منه الجن ما سمعت في مشاهدها ، وما ذكرت أنه لها هناك من مقاعدها. ألم تسمع قولها في ذلك ، وخبرها عن مقاعدها
__________________
(١) في (أ) و (ج) : فامسكين. مصحفة.
(٢) يعني : مثل ابن المقفع.
(٣) في (ب) و (د) : أو يحكم به.
(٤) في (أ) و (ج) : فأما ما من. تصحيف.
(٥) في (أ) و (ج) : بيت. تصحيف.
(٦) في (ب) و (د) : لا يصل.
(٧) في (أ) : وحبيله الجن حبله. (ب) : وحبله الجن حبله. وفي (ج) و (د) : (بدون إعجام). وقد قلّبت الكلمة على وجوه عدة مع البحث في معاجم اللغة ، فلم أهتد إلى معنى يطمئن إليه ، فاجتهدت فيما أثبت. والله أعلم بالصواب.
(٨) في (أ) و (ج) : فهم.
(٩) في (ج) : ينزل.
(١٠) في (أ) و (ج) : بحكم. مصحفة.