قلنا (١) قديما كان ولم يدخل واحدا من الفريقين مدخله ، وإنما القدرة على أن يدخل ولا يدخل فقدما فعله ، فقد كانوا قديما ولم يدخلوا ، ولا بد بعد أن يدخلوا ، فقد كان المقدور عليه من لم يدخل ، وسيدخل ، فافهموا ما قلنا عنا ، وضعوا الفهم فيه حكما (٢) بيننا.
وأما قوله : فقتلت أعداؤه أنبياءه ورسله. فما ينكر من قتلهم لهم (٣) قاتله الله وقتله،(٤) لو لم يقتلوا لم يجب لهم من الكرامة عنده ما أوجبه ، ولم يدركوا ثواب ما كان القتل فيه سببه ، ولو كان له علينا في قتلهم مطلب لكان في موتهم ، ولو دخل علينا بقتلهم وموتهم لدخل علينا في أصل الفطرة لهم ، والفطرة لا يكون فيها من الحكمة ما فيها ، إلا بموجود البنية التي بنيت عليها ، وذلك ما قد فرغنا من الجواب فيه ، ودللنا بآثار الله في الحكمة عليه ، وفيما وصفنا منه ، وأنبأنا به عنه ، ما أوضحه ، ووضح به فصحّحه. والحمد لله رب العالمين كثيرا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما.
وأما قوله : فأجّل عدوه إلى يوم يبعثون. فهو وأصحابه في هذا يلعبون ، ولو فسد في التأجيل طول تأخيره ، لفسد في ذلك أقصر قصيره! فليت شعري ويله ، لم تقابح هذا وأنكره؟! وهو لو لم يبق لم يعص ولم يطع ، ولو لا المعصية والطاعة لم يخلق ولم يصنع!
وأما قوله : وأمرض خلقه وعذبهم ، بما عرض من الأسقام لهم. فلعمري لقد وفّاهم سبحانه طبائعهم مفصلة ، وسلمها إليهم مكملة ، عن هلكات العصيان ، وشين معايب النقصان ، فما دخلها من سقم بدن ، أو فساد متديّن (٥) ، فبعد اعتدال تركيبها ،
__________________
(١) في (أ) و (ج) و (د) : قيل.
(٢) في (ب) : الفهم فيه كما بينا.
(٣) في (أ) و (د) : له.
(٤) في (ب) و (د) : ولعنه.
(٥) متديّن : مصاب بداء ، يقال : دان. إذا أصابه الدّين. وهو داء. لسان العرب. مادة دين.