الله (١) لمرضه إذا مرض من الشفاء ، وأضاف إلى نفسه من الغفلة والخطأ ، إذ يقول صلى الله عليه : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)(٨٢) [الشعراء : ٧٨ ـ ٨٢].
وأما قوله : وكل خلقه دمر تدميرا.
فلقد أنكر ويله من تدميرهم ما لم يجعله الله نكيرا .... (٢) عصيانهم لله مستحق الطاعة ظلما واعتدا ، ومجانبتهم لما جعل الله لهم به النجاة والهدى ، هو الذي به هلكوا ودمّروا ، بعد أن بصّرهم الله منجاتهم فلم يبصروا ، إلا أن يكون توهّم أن الله (٣) هو الذي حملهم على العصيان وجبرهم ، فكيف يا (٤) ويله وهو الله الذي مكّنهم فيه وخيّرهم؟! وما أجبر أحدا تعالى على إحسان ، فكيف يجبره له على عصيان؟! ولم يسخط ما قضى ، ولا رضي إلا بما فيه الرضى ، ولم يغضب له من فعال ، ولم يتضاد بحال ، ولم يتناول (٥) عدوا بقتال ، ولم يتمثل في شيء بمثال ، وإذا مرض خلقه شفاهم ، أو تعاموا عن الهدى أراهم.
فيا عجبا ممن (٦) جهله! وأنكر حقه وعطّله!! لو كان الله سبحانه صاحبا لوجب حقه!! فكيف والخلق خلقه؟! وهو خالق الخلق ومبتدعه ، والمحسن إليه في كل حال ومصطنعه ، ومن لم يدبر (٧) عنه بإحسانه حتى أدبر (٨) ، ولم يغيّر ما به من نعمه حتى كفر ، كيف وهو من عصاه استرضاه! ومن استكبر وهو القادر عليه أملاه! ثم كرّر
__________________
(١) في (ب) و (د) : عن.
(٢) أشار إلى بياض في (أ).
(٣) في (ب) و (د) : أن يكون يتوهم أن يكون هو حملهم.
(٤) في (ب) و (د) : فيكف ويله.
(٥) في (أ) و (ج) : ينازل. وفي (ب) : يناول.
(٦) في (أ) و (ج) : عن. وفي (ب) : من.
(٧) سقط من (ب) : من. وفي (أ) و (ج) : يدبره. تصحيف.
(٨) يعني : أن الله سبحانه لم يقطع إحسانه عن أحد حتى أدبر وأعرض عنه.