والهيئات والأشكال ، كان قول القائل ـ إنه لا يمكن أن يكون شيء لا (١) من شيء ، ولا يفسد من الأشياء كلها شيء فيعود إلى التلاشي ، ـ قولا من قائله مقبولا ، وعدّ ما زعم فيه قولا.
وإن لم تكن صور الأشياء دائمة ، ولا في كل حين موجودة قائمة ، أعني بالصور صورة اللحم ، وصورة الدم ، وصورة العظم ، وصورة الأشكال الطبيعية ، والألوان كلها الظاهرة منها والخفية.
فلا محالة أنها لم تكن قبل حدوثها ، وأنها قد (٢) تفنى بعد حدثها ، وأن حدوثها استحالتها من ليس إلى أيس ، (٣) وأن فناءها استحالتها من أيس إلى ليس ، كبياض الثلج الذي يحدث عند كون الثلج معا ، ويبطل بياضه عند بطلانه فيفنيان جميعا ، وهل من فعال في سكون أو زوال يجده واجد ، (٤) أو يشهد به على فاعله شاهد ، إلا وهو محدث ثم كان (٥) بعد أن لم يكن ، برئ من معنى لم يزل ، تعلم كل بهيمة مضيّ ماضيه ، وفراقها في المعنى لمنتظر آتيه ، فلا يجهل أحد منه ماضيا ، ولا يشبه (٦) ماض منه آتيا ، إلا أن يزعم متجاهل ، أو يكابر عاقل ، فيقول : إن كون الحركة والسكون في حال واحدة معا ، وإن الحركات والسكون لم تزل قط جميعا ، فيلزمه أن تكون أوقاتها كلها وقتا ، ونطق ما يعقل ناطقا من الأشياء سكتا ، فيعود يومه من أوقاتها أمسا ، ومجنوسها عنده لنفسه جنسا ، وفرعها أصلا ، وآخرها أولا.
وكفى بهذا من القول محالا ، ومن وصف محالات القول مقالا ، أن (٧) البهائم جميعا
__________________
(١) في (ب) : إلا مصحفة.
(٢) سقط من (ب) و (د) : قد.
(٣) الأيس : العدم والفناء. قال الليث : أيس : كلمة قد أميتت. إلا أن الخليل ذكر أن العرب تقول : جيء به من حيث أيس. وليس معناها : كمعنى حيث هو في حال الكينونة والوجد. وقال : إن معنى أيس أي : لا وجد. لسان العرب مادة أيس. وفي (أ) و (ج) : من لبس إلى أنس. مصحفتان.
(٤) في جميع المخطوطات : واحد. مصحفة.
(٥) في (أ) : محدث كان إذ لم.
(٦) في (أ) : بشبه. وفي (د) : يشتبه. مصحفتان.
(٧) في (ب) و (د) : وإن.