أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) (٤٥) [إبراهيم : ٤٢ ـ ٤٥].
فإن قال قائل منهم يحذرني النار ، ويخبرني عن كتابه الأخبار ، ولست بهما بموقن ، ولا لخبره عنهما بمؤمن. (١) فليعلم أن أقل ما عليه فيما أنذر ، وفيما يعقل من يعقل فيما حذّر ، خوف الممكن المطنون ، إذا كان غير مستنكر أن يكون ، وإن الناس لو كانوا لا يحذرون إلا ما يعلمه من حذروه ، ولا ينذر المنذرون قوما إلا ما عاينوه وأبصروه ، لقلّت النذر ، وفني الحذر ، وإنه لو حذّر (٢) جبارا بل إنسانا ذليلا لارتاع له ارتياعا ، ولاستشعر من الخوف لتحذيره وهو هو أفزاعا! فكيف بملك الملوك؟! ومن له ملك كل مملوك؟! ذلك الله العلي الجبار ، الذي بإرادته كانت الظّلم والأنوار ، والسلام على من اتبع الهدى ، وآثر رضى الرب الأعلى ، فرضي من الأشياء مرتضاه ، واصطفى من الأمور مصطفاه ، فأدى إليه سبحانه في نفسه حقه ، وعلم أنه هو الذي فطره وأحسن خلقه ، وأن له عليه فرضا واجبا ، أن يكون لما أحبّ محبا ، ومن كل ما كره من الأمور قصيّا ، ولمن والى من خلقه وليا ، ولمن عادى سبحانه من أهل الأرض عدوا ، فإنه لا يعادي سبحانه إلا مسيئا أو سوءا ، والحمد لله رب العالمين ، وصلواته على محمد وأهله الطاهرين.
تم الرد على ابن المقفع ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
* * *
__________________
(١) في (ب) و (د) : موقن. وفي (ب) و (د) : بخبره. والصواب : لخبره. وله يشهد له قوله تعالى (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا). وفي (أ) : بموقن. وفي (ب) : مؤمن.
(٢) في (ب) و (د) و (ج) : حذرت. ويبدو أنها مصحفة. لأن الفعل مبني للمجهول. ونائب الفاعل (ضمير القائل). السابق ذكره.