نكاحا ، وتؤكل في بعضها صراحا ، وتقسم تارة (١) وتحدث ، ثم تقيم في ذلك وتمكث ، فيا لعباد الله إن هذا لهو العبث العابث ، والمقال الفاسد العائث ، الذي لم يقل بمثله سوى أهله قط قائل ، ولم يسأل فيه بمثل عجز مسائل ابن المقفع سائل ، ولقد ـ ويله ـ أكثر في المسألة والمسألة لا تكثر (٢) وطغى ، حتى هممنا أن لا نجيبه لو لا مخافة أن يكون على ذلك المحق (٣) متّبعا (٤) ، وذلك لجهله ، بما سقط إلينا من مسائله ، وخلّط في (٥) قوله ، ولكذبه أيضا فيما ينحل وينتحل ، وكثرة ما يختلف في كل مسألة وينتقل ، وما أحسبه جالس قط متكلما ، ولا أحسن لمسائله تفهّما.
فليعلم من قرأ كتابنا هذا وفهم ما فيه لهم ، جوابنا إن هو كان من غيرهم ، عمى مذهبهم وصممه ، وإن كان ممن تلبس بضلالتهم فليحذر غير الله ونقمه ، فلقد قذفوا قذفا ، مسخا وخسفا ، وكادت السماوات أن يتفطرن وشوامخ الجبال أن تخر بدون ما قالوا ، ولأصغر أضعافا مما نالوا ، لأن الذين قالوا قبلهم الأقوال ، وجعلوا لله سبحانه الأمثال ، أثبتوه سبحانه ولم ينفوا ، وإن هؤلاء أنكروا ونفوا ، فلا يغترّنّ منهم مؤخّر في الجزاء ، بما يرى من استدراجه بالاملاء ، فإن الله يقول لا شريك له ، وتعالى عن كذب الكاذبين قوله : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨)) [آل عمران : ١٧٨]. ويقول سبحانه : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥)) [الأنعام : ٤٤ ـ ٤٥]. ويقول سبحانه : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى
__________________
(١) في (د) : ساعة.
(٢) يعني : أن من شأن السؤال أن يكون قليلا مختصرا.
(٣) المحق : النقص ، والمحو ، والإبطال.
(٤) في جميع المخطوطات : متبعا. وغير بعيد أن تكون الكلمة (مبتغى) وغيّرتها أيدي النساخ.
(٥) في (ب) و (د) : من.