شهود. فأيّ عجب أعجب؟! ومتلعّب ألعب؟! ممن رضي بهذا قولا ، وكان بمثله معتلا ، وفي هذا من أمرهم ، وما أوجدنا (١) فيه من ذكرهم ، كفاية للناظر المبصر ، بل قد يكتفي به غير المفكر ، والحمد لله حمدا دائما مقيما ، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما.
فأما خرافات أحاديثهم ، وترّهات (٢) أعابيثهم ، فهزل ليس فيه جد ، ولا مما يجب له رد ، (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) [البقرة : ٧٩]. وبأي متلعّب قاتلهم الله يتلعبون ، ألم يروا أسماءهم التي يسمون ، وما منها لا (٣) غيره يعظمون. فمنها عندهم : أبو العظمة ، وأم الحياة المتنسمة ، وحبيب الأنوار ، وحراس الخنادق والأسوار ، والبشير والمنير ، والانسان القديم ، وما ذكروا من الأراكنة (٤). التي عليهم بها من الله ألعن اللعنة ، وما قالوا من عمود الشبح ، التي بها وبقولهم فيها أقبح ما يستقبح ، وأكذب أكاذيب الزور ، وأعجب عجائب ما وصفوا من الظلمة والنور ، فزعموا أن أسماءهم هذه التي افتروا ، وفننوا فيها بأعباثهم (٥) وكثروا ، هي رد الظلمة ـ زعموا ـ عن النور ، أفلا ردت عن أنفسها ما هي فيه من الشرور!!
وزعموا أن هؤلاء لأجزاء النور مصطفّون ، وهم في أنفسهم بالظلمة مختلطون. فيا ويلهم ويلا ويلا ، (٦) من أقاويلهم قيلا قيلا ، في أبي عظمتهم ، وأم حياتهم ، وحبيب أنوارهم ، وبشيرهم ومنيرهم ، وعمود شبحهم وإنسانهم ، وما يعبثون فيه من أراكنهم ، فعظموا منها غير معنى ، وسموها كذبا بالأسماء الحسنى ، وهم يزعمون عنها ـ ويلهم ـ أنها مخالطة في حال للأقذار ، (٧) ملتبسة فيما زعموا بالأشرار ، تنكح في بعض الأحايين
__________________
(١) في (ب) و (د) : وما وجدنا.
(٢) الترّهات : جمع ترّهة : وهي الأباطيل.
(٣) في (أ) : إلا غيره. مصحفة.
(٤) الأراكنة : جمع أركون : العظيم من الدهاقين. والدهقان : التاجر العظيم. فارسي معرب.
(٥) في (ب) و (د) : بأعيانهم. مصحفة.
(٦) سقط من (ب) و (د) : ويلا ويلا.
(٧) في (ب) و (ج) : للأقدار. وفي (أ) : للاقتدار. كلاهما مصحفتان.