أن يكون له مثل في معنى ، وكان ذلك يكون شرفا لجاز أن يكون مثل غيره بكل معنى ، ويكون ذلك له شرفا ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ومعنى من معاني الواحد هو الأول الفرد ، ذلك في الحساب والعدد بيّن ، إذ (١) لا يكون العدد إلا به ، لأنك تقول : واحد واثنان ، فالثاني بالواحد كان ، ولو لا الواحد الذي هو أول الثاني ، ما كان الثاني قبل الأول ، كان واحدا ، أكثر (٢) العدد الذي لا يحصى ، وهو المكثر لكل معدود ، العدد الواحد يستزيد وبه يزاد ، ولو لا هو ما كانت الزيادة ، وكل ما زاد الحساب فبالواحد (٣) زاد ، والواحد هو المفرد لما سواه ، وهو أقدم من كل ما به ازداد ، وكثرة العدد تزداد به ، وتنقص به ، فالواحد الذي به يزداد العدد وهو مقيم لكثرته ، وبه يكون النقصان ، وبه استوى الحساب ، وبه يقل الكثير ، ويكثر القليل ، ويفرق بين الكثير والقليل.
فكذلك يقال الله واحد : بمعنى أول الأشياء ، وبه كان كل شيء ، وهو مشيئها ، ومدبرها ، بنفسه لا بغيره ، ولا يتغير لتكثيرها ولا لتقليلها ، ولا عند بطلانها ، ولا يختلف سبحانه عند شيء من اختلافها ، وهو سبحانه القائم بإنشائها ، لا يتغير ولا يدخل في التغيير ، بل التغيير داخل على ما أنشأ ، ولم يزل الله قبل أن يكون الشيء شيئا ، ثم إنه أراد إنشاء ما أنشأ ، فأنشأ ما أراد إنشاءه على ما شاء ، واضطر المنشأ إلى التغيير والزوال ، والحطوط (٤) والنقص والنماء.
والله سبحانه واحد في معناه ، لا في معاني ما أنشأه (٥) وهو الواحد لا من عدد ، ولا فيه عدد به تجزّأ ، وليس شيء يقال : إنه واحد في الحقيقة غير الله ، وكل واحد سوى الله فهو ذو عدد مجزأ ومن عدد ، وذلك أنك تقول للواحد من الخلق : إنه له فوق
__________________
(١) في (ب) و (د) : ولا.
(٢) في (ب) و (د) : أكثر من العدد.
(٣) في (ب) : بالواحد.
(٤) الحطوط : الحدر من علو إلى أسفل.
(٥) في (ب) و (د) : ما أنشأه الله وهو (زيادة).