وتحت وأمام (١) وخلف وشمال ويمين ، وكل واحد كما ذكرنا غير الآخر ، فهذا غير واحد مما يضمه (٢) اسم الواحد ، وهذا الواحد هو العدد ، ومن عدد كثير من اللون وغير ذلك ، هو من عدد له أشباه ، والله واحد ليس بشيء من هذه المعاني المنقوصة شبيها ، لأنه ليس له نظير.
فإن قال قائل : لم لا يكون قولك واحد تشبيها ، وقد قلت لغير الله واحد؟!
قيل له : إنا لم نقل لغير الله واحد ، بمعنى ما قلت إن الله واحد ، وليس واحد كالله في ربوبيته ووحدانيته ، وليس من هو واحد في الحقيقة ليس بجزء ولا باثنين سوى الله ، وكل ما سوى الله فقد يقال واحد وهو أكثر من اثنين إذا حدد على وجه ما فسرنا من الحدود التي تلزم الخلائق ، وذلك لأن كل واحد مما سوى الله فمسدس ، وهو أكثر من اثنين. وإن قيل : إنه واحد على ذكرنا ، فليس (٣) الله بواحد كمعنى الآحاد المعدودة ، وإنما هو إله واحد ، ليس له ند ولا له شبيه ، تعالى عما يقول المشبهون علوا كبيرا.
ومعنى من معاني الواحد إذا أرادوا به دفع الاختلاف وحذف الجميع ، كما قال الكميت (٤) بن زيد الأسدي :
فضمّ قواصي الأحياء منهم |
|
فقد رجعوا كحيّ واحدينا |
فإن قال قائل : فإذا قلت : إن الواحد من الحساب في جميع العدد ، فكذلك يقول
__________________
(١) سقط من (ب) و (د) : وأمام.
(٢) سقط من (د) : مما. وفي (ب) : واحد بضم اسم.
(٣) في (ب) و (د) : وليس.
(٤) الكميت بن زيد الأسدي شاعر الهاشميين من أهل الكوفة ، اشتهر في العصر الأموي. وكان عالما بآداب العرب ولغاتها وأخبارها وأنسابها ، ثقة في علمه. ولد سنة ٦٠ ه ، وتوفي سنة ١٢٠ ه.
أشهر شعره الهاشميات ترجمت إلى الألمانية ، يقال إن شعره أكثر من خمسة آلاف بيت. والبيت من قصيدة له تسمى المذهبة التي مطلعها :
لنا قمر السماء وكل نجم |
|
تشير إليه أيدي المهتدينا |
هجى بها أهل اليمن تعصبا لمضر.